للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

استعمالهما كان أولى، كالمطلق والمقيد.

[٧٨/أ] وأيضًا: فإن الاسم الخاص إذا نافى بعض ما شمله الاسم العام، وجب تخصيصه به، كذلك إذا نافاه معناه؛ لأن العلة في الاسم أنه نافى بخصوصه بعض ما شمله الاسم العام.

وبيان ذلك أن الله تعالى١ قال: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} ٢، ولم يفرق بين الحر والرقيق، ثم قال عز من قائل: {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ} إلى قوله: {فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} ٣، مخصصًا به قوله: {الزَّانِيَةُ} ، وأخرجنا الإماء منه، وقضينا بالاسم الخاص على الاسم العام، ثم وجدنا أن المعنى الموجب لنقصان الحد في الإماء هو الرق؛ لأنها إذا اعتقت وجب الحد كاملًا، ولم يزل بالعتق غير الرق؛ فثبت أن نقصان الحد كان متعلقًا به، وهذه العلة موجودة في العبد، فنقصنا حده، وجعلناه خمسين، وخصصنا بهذا المعنى قوله تبارك وتعالى: {وَالزَّانِي} ، وأخرجنا العبيد منه؛ لأن معنى الاسم الخاص نافى بعض ما شمله الاسم العام، كمنافاة الاسم إياه.

فإن قيل: إنما كان كذلك في الاسم الخاص مع الاسم العام؛ لأنهما نطقان، فتساويا في القوة، وانفرد الخاص بقوة الخصوص، وليس كذلك المعنى؛ فإنه ليس بنطق.

قيل: المعنى مثل الاسم، في وجوب العمل به، والمصير إلى موجبه، وتخصيص الاسم العام من العمل بموجبه، فاستويا فيه.


١ في الأصل: "إن شاء الله تعالى".
٢ "٢" سورة النور.
٣ "٢٥" سورة النساء.

<<  <  ج: ص:  >  >>