للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قيل: قوله: "اعطه كل يوم رطلاً من تمر"، وهو يريد رطلا، ً من لحم أو خبز لا يفيد المأمور به، فكان عبثاً أو لغواً، وليس كذلك إذا قال: "اقتلوا المشركين"، فإن القتل المأمور به معقول معلوم، والخطاب مفيد، وإنما أخر بيان من يوقع القتل فيه، كما أخر في النسخ بيان الزمان الذي يوقعه فيه.

فإن قيل: لا يجوز تأخير بيان النسخ، إلا أن يقترن به بيان النسخ، فيقول: صلوا إلى بيت المقدس، ما لم أنسخه عنكم، وهذا يمنع من عموم الخطاب في جميع الأزمان. وقيل: إن هذا سؤال كان يورده ابن الدقاق (١) .

قيل: هذا خطأ؛ لأن هذا مقرون بكل خطاب، وإن لم ينطق به المخاطب، لأن الدليل قد دل على جواز النسخ، فصار ذاك مقدراً في خطاب صاحب الشرع ومقروناً به، وإن لم يذكره، فوجب [١٠٢/أ] أن يكونا سواء، فيجب أن يخبر هذا في بيان العموم، فيقول (٢) : اقتلوا المشركين إلا من أبين لكم.

ودليل آخر، وهو: أنه يجوز أن يخاطب العاجز عن الفعل، ويؤخر خلق القدرة له وإيجاد الآلة التي بها يتمكن من الفعل إلي وقت الفعل؛ لأنه لا حاجة به إلى ذلك قبل الفعل، كذلك البيان لا حاجة به إليه قبل الفعل، ولا فرق بينهما؛ لأن الفعل يفتقر إلى القدرة كما يفتقر إلى البيان.

فإن قيل: تأخير القدرة عن الفعل لا يفضي إلى أن يعتقد المخاطب جهلاً؛ لأنه يعلم أنه أريد به حال القدرة، والبيان متى تأخر اعتقد المخاطب جهل ما أمر به.


(١) هو محمد بن محمد بن جعفر، أبو بكر الدقاق، وقد سبقت ترجمته ص (١٠٧) .
(٢) في الأصل: (فإذا قال) .

<<  <  ج: ص:  >  >>