للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الخطاب، وليس المراد به هذا الظاهر، وتكون الأمة قد كلفوا غير المراد.

والجواب: أنه لا يجوز في صفة الحكيم أن يخترم رسوله المبلغ المبين عنه معنى ما أراد، قبل (١) أن يبينه للناس، وإذا كان كذلك لم يفض (٢) إلي ما قالوه.

وعلى أنه باطل بالنسخ، لأنه يرد معرضاً، ثم قد يخترم النبي قبل بيان الناسخ، كذلك ها هنا.

وعلى أن هذا غير ممتنع في بيان العموم؛ لأنه لإن اخترم قبل البيان تمسك الناس بذلك العموم، وأخذوا بموجبه، إذ ليس عليهم أن يعلموا مراد الله تعالى به من غير الظاهر منه.

فصل

وما ذكرنا من الدلائل، فهو دليل على أصحاب أبي حنيفة في فرقهم بين بيان العموم وبيان المجمل، ومما يخصهم أن بيان المجمل كبيان العموم؛ لأنه ينكشف به المراد باللفظ، ثم جاز ذلك في المجمل، وجب أن يجوز في العموم.

فإن قيل: فرق بينهما، وذلك أن بيان العموم إذا أفاد إلزام اعتقاد أمر ليس بمراد، وهذا يقبح أن يرد به التكليف، والمجمل يفيد اعتقاد حكمه وبيان صفته حال الحاجه، فيحصل به توطين النفس لفعل المأمور به، وهذا حسن في التكليف.

قيل: يبطل بالنسخ، فإنه يجوز تأخيره، وإن أفضى إلى ما قالوه.


(١) في الأصل: (مثل) .
(٢) في الأصل: (يفضي) بإثبات الياء.

<<  <  ج: ص:  >  >>