للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

شرع موسى المبادرة إلى الختان في اليوم الذي في يولد المولود.

وكذلك يزعمون أن يعقوب جمع بين الأختين في وقت واحد، وذلك لا يجوز في شريعة موسى. وهذا يدل على بطلان ما قالته اليهود، لعنهم الله.

واحتج من منع ذلك عقلاً:

بأن النسخ يفضي إلى البَدَاء، فإنه قد يكون أمر بشيء وأراده ثم علم من حال المأمور به في الثاني ما لم يكن قد علمه منه في وقت الأمر به، فأوجب النهي عنه، إذ لو لم يكن ذلك لكان بيّن مدة الفعل في وقت الأمر، وفي حصول الإجماع على بطلان ذلك دليل على فساد قول ما أدى إليه.

والجواب: أنا لا نقول: إنه لما أمر بها أراد بقاءها على الدوام، ثم بان له خلاف ذلك فنسخها، بل نقول: أمر بما أمر به، وهو عالم بما أمر وبما ينهي عنه بعده، ولم يظهر له شيء كان خفياً عنه، تعالى عن ذلك علواً كبيراً، بل نقول: إنه حين أمر بها أمر وهو يريد بقاءها والتعبد بها، إلى أنه معلوم عنده أن فيه مصلحة أو لا مصلحة فيه، وإن لم يطلع عليه، ولا يوجب ذلك أن يكون قد ظهر له منه في حال النهي مالم يكن عالماً به، ألا ترى أنه إذا نهى عن فعل من الأفعال ابتداء، فإنه لا يوجب ذلك أن يكون عالماً حال النهي ما لم يكن قد علمه قبل ذلك، ثم هذا يبطل بنقل الانسان من حال إلى حال.

وقيل الجواب عن هذا: إنما يقتضي البَدَاء لو أمر بفعل عبادة في وقت، ثم ينهي عنها في ذلك الوقت على جهة واحدة، فأما إذا نهي عن مثل تلك العبادة التي أمر بها، فلا يفضي إلى البدَاء.

وقد كشف بعض المتكلمين عن هذا الجواب، وقال: إن هذا

<<  <  ج: ص:  >  >>