وقولنا: مع تراخيه، احتراز من التخصيص، فإنه يكون متراخياً ومقارناً. ولا يبطل هذا بقوله:(ثُم أَتمُّوا الصِّيَامَ إلَى اللَّيْل)(١) ، أن زمان العبادة ينقص، وليس بنسخ؛ لأَنا قلنا مع تراخيه، والحد مقارن.
وقال قوم من المتكلمين: هو إخراج ما أريد باللفظ. وهذا غلط، لأنه يؤدي إلى البَداء على الله تعالى فإنه إذا أراد أن يكون التوجه إلى بيت المقدس واجباً بعد ستة عشر شهراً، ثم لم يرد ذلك، كان بداءً، وذك لا يجوز عليه لاستحالة جواز الجهل [١١٢/أ] والنسيان عليه.
فإن قيل: فقد أجزتم نسخ الشيء قبل فعله، وإن كان بداءً.
قيل: ليس ذلك بداءً؛ لأنه يحمله على أن الأمر اقتضى مقدمات الفعل، ويكون تقديره ما لم أنسخه عنك؛ لأنه ليس من شرط الأمر إرادة المأمور به.
الفرق بين النسخ والتخصيص
والفرق بين النسخ والتخصيص من وجوه:
أحدها: من شرط الناسخ أن يتأخر عن المنسوخ، فلا يسبقه، ولا يقارنه. وأما التخصيص: فالذي يقع به التخصيص يصح أن يسبق المخصوص ويقارنه ويتأخر عنه.
والثاني: لا يصح النسخ إلا بمثل المنسوخ في القوة، وأقوى منه، والتخصيص يصح بمثل المخصوص وما دونه، وأضعف منه، لأن