والجواب: أنه يبطل بالإجماع، فإنه بهذه الصفة، ولا يجوز النسخ به.
وعلى أنه لا يمتنع أن يتفق دليلان في هذه الصفة، ويختلفا في النسخ، كما أن القياس وخبر الواحد يتفقان في أن طريق كل واحد منهما غلبة الظن، ويجوز النسخ بخبر الواحد، ولا يجوز بالقياس، وكذلك الإجماع والسنة يتفقان في العلم بكل واحد منهما، ولا يجوز النسخ بالإجماع، ويجوز بالسنة.
فإن قيل: إذا أجمع أهل عصر على خلاف حكم القرآن، حكمنا بأنه منسوخ.
قيل: الإجماع لا يكون ناسخاً؛ لأن الناسخ هو الوحي، والإجماع لا يصح إلا بعد وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم -، والوحي قد انقطع بعده، ومتى وجدنا خبر الإجماع على خلافه، تركناه بالإجماع، ولا نقول: نسخ بالإجماع بل يستدل بالإجماع على نسخه؛ لأنه لو كان الخبر ثابتاً لما خرج عن الأمة؛ لأن الأمة ضبطوا الأخبار.
فإن قيل: المجمعون لا يقولون: إنا ننسخه، وإذا لم يوجد ذلك منهم، لم يتصور النسخ من جهتهم.
قيل: نقول في السنة كذلك، لأن النسخ لا يوجد من جهة النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ لأن الله تعالى أخبر أن نسخ القرآن لا يكون من جهة النبي - صلى الله عليه وسلم -.
وجواب آخر وهو أن السنة المتواترة، وإن ساوت الكتاب فيما ذكروه، من القطع، فهي مخالفة له في الإعجاز، وفي حصول الثواب في قراءتها، فلم يصح وقوع نسخه بها، وإن ساوته في العلم والعمل، كما لا يجوز نسخه بالإجماع، وإن ساواه في العمل والعلم.
واحتج: بأن النسخ كالتخصيص؛ لأن النسخ لا يقتضي تخصيص