الأعيان، والتخصيص لا يقتضي تخصيص الزمان، ثم ثبت أن تخصيص الكتاب يجوز بالسنة، كذلك النسخ.
والجواب: أنه يبطل بخبر الواحد وبالقياس، فإن التخصيص بهما [جائز] ، ولا يجوز النسخ بهما، وعلى أن النسخ مفارق للتخصيص؛ لأن النسخ يزيل حكم اللفظ كله، والتخصيص يبقي بعضه، ولا يسقط [١١٥/ب] جملته، فافترقا.
واحتج: بأن النسخ إنما يقع في الحكم، والسنة في إثبات الحكم بمنزلة الكتاب، فصح نسخ حكمه بها.
والجواب: أنا قد بيّنا أنه لا فرق عند المخالف بين نسخ الحكم وبين نسخ التلاوة.
وعلى أنهما وإن تساويا في إثبات الحكم، فهما مختلفان فيما ثبت به الحكم، فحكم الكتاب ثبت بلفظ معجز، وحكم السنه ثبت بلفظ
غير معجز، فلم يجز نسخ ما ثبت بأمر قوي بما ثبت بأمر ضعيف، وإن تساوى الحكمان، ألا ترى أنه لا يجوز نسخ حكم خبر الواحد بالقياس؛ لقوة الخبر الواحد وضعف القياس، وإن كان حكمهما متساوياً، بأن طريقهما معاً غلبة الظن.
واحتج: أنه إنما جاز النسخ إلى غير بدل؛ لأننا نجوز أن يكون قد نسخ بما هو مثله أو أقوى منه، وليس يوجب ذلك جواز النسخ إلى بدل هو أضعف منه، ألا ترى أنه يجوز النسخ إلى غير بدل، ولا يجوز النسخ إلى بدل هو خبر واحد أو قياس.
واحتج: بأن ذلك قد ورد في الشرع، وذلك أن الله تعالى أوجب الوصية للوالدين والأقربين، ونسخ ذلك بقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (لا وصية لوارث) ، وكذلك نسخ حد الزنا من الحبس والأذى بقوله عليه السلام: