وقال جماعة: إنها لا تعرف إلا بالعدد، ثم اختلفوا هل تنحصر في عدد معين أم لا؟
فقيل: هي سبع، وقيل: تسع، وقيل: عشر، وقيل: اثنتا عشرة، وقيل: أربع عشرة، وقيل: ست وثلاثون، وقيل: سبعون، وإلى السبعين أنهاها الحافظ الذهبي في جزء صنفه في ذلك، وقد جمع ابن حجر الهيثمي فيها مصنفا حافلا سماه «الزواجر في الكبائر» وذكر فيه نحو أربعمائة معصية، وبالجملة فلا دليل يدل على انحصارها في عدد معين.
ومن المنصوص عليه منها: القتل، والزنا، واللواطة، وشرب الخمر، والسرقة، والغصب، والقذف، والنميمة، وشهادة الزور، واليمين الفاجرة، وقطيعة الرحم، والعقوق،
والفرار من الزحف، وأخذ مال اليتيم، وخيانة الكيل والوزن، والكذب على رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وتقديم الصلاة وتأخيرها، وضرب المسلم، وسب الصحابة، وكتمان الشهادة، والرشوة، والدياثة، ومنع الزكاة، واليأس من الرحمة، وأمن المكر، والظهار، وأكل لحم الخنزير والميتة، وفطر رمضان، والربا، والغلول، والسحر، وترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ونسيان القرآن بعد تعلمه، وإحراق الحيوان بالنار، وامتناع الزوجة من زوجها بلا سبب.
وقد قيل: إن الإصرار على الصغيرة حكمه حكم مرتكب الكبيرة، وليس على هذا دليل يصلح للتمسك به وإنما هي مقالة لبعض الصوفية، فإنه قال: لا صغيرة مع إصرار، وقد روى بعض من لا يعرف علم الرواية هذا اللفظ وجعله حديثا، ولا يصح ذلك، بل الحق أن الإصرار حكمه حكم ما أصر عليه، فالإصرار على الصغيرة صغيرة، والإصرار على الكبيرة كبيرة.
وإذا تقرر لك هذا فاعلم أنه لا عدالة لفاسق، وقد حكى مسلم في صحيحه الإجماع على رد خبر الفاسق، فقال: إنه غير مقبول عند أهل العلم، كما أن شهادته مردودة عند جميعهم، قال الجويني: والحنفية وإن باحوا بقبول شهادة الفاسق فلم يقولوا بقبول روايته، فإن قال به قائل فهو مسبوق بالإجماع.
الشرط الرابع- الضبط: فلا بد أن يكون الراوي ضابطا لما يرويه، ليكون المروي له على ثقة منه في حفظه وقلة غلطه وسهوه، فإن كان كثير الغلط والسهو؛ ردّت روايته، إلا فيما علم أنه لم يغلط فيه ولا سها عنه، وإن كان قليل الغلط؛ قبل خبره، إلا فيما يعلم أنه غلط فيه، كذا قال ابن السمعاني وغيره.
قال أبو بكر الصيرفي: من أخطأ في حديث فليس بدليل على الخطأ في غيره ولم يسقط لذلك حديثه ومن كثر بذلك خطؤه وغلطه لم يقبل خبره.