للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذلك، فيورده صلّى الله عليه وسلم على وجهه ويأتي به على نصه، وهو أمي لا يقرأ ولا يكتب، قال:

فهذه الوجوه الأربعة من إعجازه بينة لا نزاع فيها.

ومن الوجوه في إعجازه غير ذلك: آي وردت بتعجيز قوم في قضايا وإعلامهم أنهم لا يفعلونها، فما فعلوه ولا قدروا على ذلك كقوله لليهود: فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٩٤) وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَداً بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ [سورة البقرة آية: ٩٤، ٩٥] فما تمناه أحد منهم وهذا الوجه داخل في الوجه الثالث.

ومنها: الروعة التي تلحق قلوب سامعيه عند سماعهم، والهيبة التي تعتريهم عند تلاوته، وقد أسلم جماعة عند سماع آيات منه، كما وقع لجبير بن مطعم أنه سمع النبي صلّى الله عليه وسلم يقرأ في المغرب «بالطور» قال: فلما بلغ هذه الآية: أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخالِقُونَ (٣٥) أَمْ خَلَقُوا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بَلْ لا يُوقِنُونَ (٣٦) أَمْ عِنْدَهُمْ خَزائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ [سورة الطور آية: ٣٥ - ٣٧] فقال: كاد قلبي أن يطير، قال: وذلك أول ما وقر الإسلام في قلبي، وقد مات جماعة عند سماع آيات منه أفردوا بالتصنيف.

ثم قال: ومن وجوه إعجازه كونه آية باقية لا يعدم ما بقيت الدنيا مع ما تكفل الله بحفظه.

ومنها: أن قارئه لا يمله وسامعه لا يمجه بل الإكباب على تلاوته يزيده حلاوة، وترديده يوجب له محبة، وغيره من الكلام يعادى إذا أعيد ويمل مع الترديد، ولهذا وصف صلّى الله عليه وسلم القرآن بأنه لا يخلق على كثرة الرد.

ومنها: جمعه لعلوم ومعارف لم يجمعها كتاب من الكتب ولا أحاط بعلمها أحد في كلمات قليلة وأحرف معدودة، قال: وهذا الوجه داخل في بلاغته فلا يجب أن يعد فنّا مفردا في إعجازه، قال: والأوجه التي قبله تعد في خواصه وفضائله لا إعجازه وحقيقة الإعجاز الوجوه الأربعة الأول فليعتمد عليها. اه.

<<  <   >  >>