للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نحو: أقبل، وتعال، وهلم.

قال الطحاوي: وأبين ما ذكر في ذلك حديث أبي بكرة قال: جاء جبريل إلى النبي صلّى الله عليه وسلم فقال: اقرأ على حرف، فقال ميكائيل: استزده، فقال: اقرأ على حرفين، فقال ميكائيل:

استزده حتى بلغ سبعة أحرف؛ فقال: اقرأ فكلّ شاف كاف، إلا أن تخلط آية رحمة بآية عذاب أو آية عذاب بآية رحمة على نحو: هلم، وتعال، وأقبل، وأسرع، وعجّل.

وروى ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد، عن ابن عباس، عن أبي بن كعب: أنه كان يقرأ: لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونا [سورة الحديد آية: ١٣]، للذين آمنوا أمهلونا، للذين آمنوا أخرونا، للذين آمنوا ارقبونا.

وبهذا الإسناد عن أبيّ كان يقرأ: كُلَّما أَضاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ [سورة البقرة آية: ٢٠]، مروا فيه، سعوا فيه.

وفي البخاري ومسلم قال الزهري: إنما هذه الأحرف في الأمر الواحد ليس يختلف في حلال ولا حرام.

قال الطحاوي: إنما كانت السعة للناس في الحروف؛ لعجزهم عن أخذ القرآن على غير لغاتهم؛ لأنهم كانوا أميين لا يكتب إلا القليل منهم، فلما كان يشق على كل ذي لغة أن يتحول إلى غيرها من اللغات، ولو رام ذلك لم يتهيأ له إلا بمشقة عظيمة، فوسع لهم في اختلاف الألفاظ، إذا كان المعنى متفقا، فكانوا كذلك حتى كثر منهم من يكتب وعادت لغاتهم إلى لسان رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فقدروا بذلك على تحفظ ألفاظه، فلم يسعهم حينئذ أن يقرءوا بخلافها.

قال ابن عبد البر: فبان بهذا أن تلك السبعة الأحرف إنما كانت في وقت خاص لضرورة دعت إلى ذلك، ثم ارتفعت تلك الضرورات فارتفع حكم هذه السبعة الأحرف، وعاد ما يقرأ به القرآن على حرف واحد.

روى أبو داود عن أبي قال: قال لي رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «يا أبي إني أقرئت القرآن فقيل لي: على حرف أو حرفين فقال الملك الذي معي: قل على حرفين. فقيل لي: على حرفين أو ثلاثة. فقال الملك الذي معي: قل على ثلاثة أحرف حتى بلغ سبعة أحرف، ثم قال: ليس منها إلا شاف كاف إن قلت: سميعا عليما، عزيزا حكيما، ما لم تخلط آية عذاب برحمة، أو آية رحمة بعذاب».

وأسند ثابت بن قاسم نحو هذا الحديث عن أبي هريرة، عن النبي صلّى الله عليه وسلم، وذكر من كلام ابن مسعود نحوه، قال القاضي ابن الطيب: وإذا ثبتت هذه الرواية- يريد

<<  <   >  >>