أَمَّنْ لَا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدَى ٣٥ قرأ نافع أمن لا يهدي بإسكان الهاء وتشديد الدال الأصل يهتدي فأدغمت التاء في الدال وتركت الهاء ساكنة كما كانت وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر وورش أمن لا يهدي بفتح التاء والهاء وتشديد الدال والأصل يهتدي فأدغموا التاء في الدال وطرحوا فتحتها على الهاء واحتجوا بقراءة عبد الله أمن لا يهتدي وكان ابن عباس يقول إن محمد صلى الله عليه دعا قومه إلى دين الله وأرشدهم إلى طاعته فعصوه وهو أحق أن يتبع أم من لا يهتدي إلا أن يهدى أي يرشده غيره قرأ حمزة والكسائي أمن لا يهدي ساكنة الهاء خفيفة الدال وحجتهما في ذلك أن يهدي في معنى يهتدي تقول هديت غيري وهديت أنا على معنى اهتديت قال الفراء العرب تقول هدى واهتدى بمعنى واحد وهما جميعا في أهل الحجاز وسمع أعرابي فصيح يقول إن السهم لا يهدي إلا بثلاث قذذ أي لا يهتدي قرأ عاصم في رواية أبي بكر أمن لا يهدي بكسر الياء والهاء أراد يهتدي فأدغم التاء في الدال فالتقى ساكنان فكسر الهاء لالتقاء الساكنين وكسر الياء لمجاورة الهاء وأتبع الكسرة الكسرة وقرأ حفص أمن لا يهدي يفتح الياء وكسر الهاء في الجودة كفتح الهاء في الجودة والهاء مكسورة لالتقاء الساكنين ويوم يحشرهم كأن لم يلبثوا إلا ساعة من نهار ٤٥ قرأ حفص ويوم يحشرهم كأن لم يلبثوا بالياء إخبار عن الله وقرأ الباقون بالنون الله يخبر عن نفسه آلآن وقد كنتم به تستعجلون ٥١ قرأ نافع آلان بفتح اللام وإسقاط الهمزة نقل فتح الهمزة إلى اللام كما قرأ ورش الأرض ألاخرة وقرأ إسماعيل عن نافع آلان بإسكان اللام وبه قرأ الباقون على أصل الكلمة فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون ٥٨ قرأ يعقوب في رواية رويس فبذلك فلتفرحوا هو خير مما تجمعون بالتاء فيهما اعلم أن كل أمر للغائب والحاضر لابد من لام تجزم الفعل كقولك ليقم زيد لينفق ذو سعة وكذلك إذا قلت قم واذهب فالأصل لتقم ولتذهب بإجماع النحويين فتبين أن المواجهة كثر استعمالهم لها فحذفت اللام اختصارا وإيجازا واستغنوا ب افرحوا عن لتفرحوا وب قم عن لتقم فمن قرأ بالتاء فإنما قرأ على الأصل وجته أنها عن النبي صلى الله عليه وسلم عن أبي بن كعب قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرت أن أقرأ عليك قال قلت وقد سماني ربك قال نعم قال فقرأ علي يعني النبي صلى الله عليه قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فلتفرحوا هو خير مما تجمعون بالتاء وقد روي عن النبي صلى الله عليه أنه قال لتأخذوا مصافكم أي خذوا مصافكم فهذا أمر المواجهة وقرأ ابن عامر خير مما تجمعون بالتاء أي تجمعون أنتم من أعراض الدنيا وقرأ الباقون فليفرحوا ويجمعون بالياء فيهما على أمر الغائب أي ليفرح المؤمنون بفضل الله أي الإسلام وبرحمته أي القرآن خير مما يجمعه الكافرون في الدنيا وما يعزب عن ربك من مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين ٦١ قرأ الكسائي وما يعزب بكسر الزاي وقرأ الباقون بالرفع وهما لغتان تقول عزب يعزب ويعزب مثل عكف يعكف ويعكف قرأ حمزة ولا أصغر من ذلك ولا أكبر بالرفع فيهما رد على قوله من مثقال ذرة لأن موضع مثقال رفع قبل دخول من لأنها زائدة التقدير ما يعزب عن ربك مثقال ذرة ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين قال الزجاج ويجوز رفعه من جهة أخرى على الابتداء ويكون المعنى ولا ما هو أصغر من ذلك ولا ما هو أكبر إلا في كتاب مبين وقرأ الباقون ولاأصغر ولا أكبر بالفتح على معنى ما يعزب عن ربك من مثقال ذرة ولا مثقال أصغر من ذلك ولا أكبر والموضوع موضع خفض إلا أنه فتح لأنه لا ينصرف وقال فرعون ائتنوني بكل سحر عليم ٧٩ قرأ حمزة والكسائي بكل سحار عليم وقرأ الباقون ساحر الألف قبل الحاء وقد ذكرنا الحجة في سورة الأعراف قال موسى ما جئتم به السحر إن الله سيبطله ٨١ قرأ أبو عمرو ما جئتم به آلسحر بالمد جعل ما بمعنى أي والتقدير أي شيء جئتم آلسحر هو استفهام على جهة التوبيخ لأنهم قد علموا أنه سحر فقد دخل استفهام على استفهام فلهذا يقف على قوله ما جئتم به ثم يبتدئ آلسحر بالرفع وخبره محذوف المعنى الحسر هو وقرأ الباقون ما جئتم به السحر وما على هذه القراءة في معنى الذي جئتم به السحر والذي ابتداء والسحر خبر الابتداء كما تقول الذي مررت به زيد ربنا ليضلوا عن سبيلك ٨٨ قرأ أهل الكوفة ليضلوا بضم الياء أي ليضلوا غيرهم وحجتهم في ذلك أن ما تقدم من وصف فرعون بما وصف أنه بذلك ضال غير مهتد فكان وصفه بعد ذلك بأنه مع ذلك مضل لغيره ويزيد الكلام فائدة ومعرفة ما لم يكن مذكورا فيما تقدم من وصفه وقرأ الباقون ليضلوا بفتح الياء أي ليضلوا هم وحجتهم قوله إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وقد ضلوا قال قد أجيبت دعوتكم فاستقيما ولا تتبعان سبيل الذين لا يعلمون ٨٩ قرأ ابن عامر ولا تتبعان بتخفيف النون المعنى فاستقيما وأنتما لا تتبعان سبيل الذين لا يعلمون وهو الذي يسميه بعض أهل العربية الحال والمعنى فاستقيما غير متبعين سبيل الذين لا يعلمون وقرأ الباقون بالتشديد ولا تتبعان بالتشديد موضع تتبعان جزم إلا أن النون الشديدة دخلت للنهي مؤكدة وكسرت لسكونها وسكون النون التي قبلها واختير له الكسر لأنها بعد الألف وهي تشبه نون الاثنين قال آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل ٩٠ قرأ حمزة والكسائي قال آمنت إنه بكسر الألف وحجتهما أن كلام متناه عند قوله آمنت وأن الإيمان وقع على كلام محذوف نظير قوله ربنا إننا آمنا فاكتبنا ولم يذكر ما وقع الإيمان عليه وتقديره آمنت بما كنت به قبل اليوم مكذبا ثم استأنف إنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وقرأ الباقون آمنت أنه بالفتح على تقدير آمنت بأنه فلما سقط الخافص عمل الفعل فنصب ثم ننجي رسلنا والذين آمنوا كذلك حقا علينا ننجي المؤمنين ١٠٣ قرأ الكسائي وحفص كذلك حقا علينا ننجي المؤمنين خفيفة وقرأ الباقون بالتشديد وهما لغتان تقول أنجى ينجي ونجى ينجي مثل كرم وأكرم وعظم وأعظم وحجة من شدد هي أن أكثرهم أجمعوا على تشديد قوله ثم ننجي رسلنا فرد ما اختلفوا فيه إلى ما أجمعوا عليه وحجة من خفف قوله ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين وقول فمهل الكافرين ثم قال أمهلهم رويدا فجمع بينهما لمعنى واحد ١١ - سورة هود ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه إني لكم نذير مبين أن لا تعبدوا إلا الله ٢٥ و٢٦ قرأ ابن كثير وأبو عمرو والكسائي أني لكم نذير بفتح الألف المعنى ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه بالإنذار أن لا تعبدوا إلا الله أي أرسلنا بهذا الأمر وقرأ الباقون بالكسر المعنى قال لهم إني لكم نذير وحجتهم قوله قال يا قوم إني لكم نذير مبين أن اعبدوا الله لما أظهر القول ها هنا كان إضماره هناك أولى لأن القصة واحدة ومانراك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا بادي الرأي ٢٧ قرأ أبو عمرو بادئ الرأي بالهمز أي ابتداء الرأي أي اتبعوك ابتداء الرأي ولم يتدبروا ما قلت ولم يفكروا فيه ولو تفكروا وتدبروا لم يتبعوك وقرأ الباقون بادي بغير همز من بدا يبدو إذا ظهر ويكون التفسير على نوعين في هذه القراءة أحدهما أن يكون اتبعوك في الظاهر وباطنهم على خلاف ذلك أي أنهم أظهروا الإسلام وابطنوا الكفر ويجوز أن يكون اتبعوك في ظاهر الراي ولم يتدبروا ما قلت ولم يفكروا فيه قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربي وآتاني رحمة من عنده فعميت عليكم ٢٨ قرأ حمزة والكسائي وحفص فعميت عليكم بضم العين وتشديد الميم أي أخفيت كما يقال عميت عليه الأمر حتى لا يبصره وحجتهم في حرف عبد الله فعماها عليكم وقيل إن في مصحف أبي فعماها عليكم فبان بما في حرف مصحف أبي أن الفعل مسند إلى الله وأنه هو الذي عماها فردت في قراءتنا إلى ما لم يسم فاعله والمعنى واحد والعرب تقول عمي على الخبر وهي مع ذلك ليس الفعل لها في الحقيقة وإنا استجازوها على مجاز كلام العرب فإذا ضممت العين كانت مفعولا بها غير مسمى فاعلها فاستوى حينئذ الكلام فلم يحتج إلى مجاز كلام العرب وترك المجاز إذا أمكن تركه أحسن وأولى وأخرى وهي أن ذلك أتى عقيب قوله وآتاني رحمة من عنده وذلك خبر من نوح أن الله تعالى خصه بالرحمة التي آتاها إياه فكذلك قوله فعميت خبر عن الله أنه هو الذي خذل من كفر به قرأ أهل الحجاز والشام والبصرة وأبو بكر فعميت بفتح العين وتخفيف الميم أي فعميت البينة عليكم وحجتهم أن التي في القصص لم يختلف فيها مفتوحة العين قال الله تعالى فعميت عليهم الأنباء فهذه مثلها فكما يقال خفي علينا الخبر يقال عمي علي الأمر وهذا مما حولت العرب الفعل إليه وهو لغيره كقولهم دخل الخاتم في إصبعي والخف في رجلي ولا شك أن الرجل هي التي تدخل في الخف والإصبع في الخاتم قلنا احمل فيها من كل زوجين اثنين ٤٠ قرأ حفص عن عاصم من كل زوجين منونا أراد من كل شيء فحذف كما حذف من قوله ولكل وجهة أي ولكل صاحب ملة قبلة هو موليها لأن كلا وبعضا يقتضيان مضافا إليهما قوله زوجين على هذه القراءة مفعول به واثنين وصف له وتقدير الكلام قلنا احمل فيها زوجين اثنين من كل شيء أي من كل جنس ومن كل الحيوان وقرأ الباقون من كل زوجين مضافا واثنين نصب على أنه مفعول به المعنى فاحمل اثنين من كل زوج بسم الله مجرها ومرسها ٤١ قرأ حمزة والكسائي وحفص باسم الله مجرها بفتح الميم وكسر الراء من جرت السفينة جريا ومجرى وقالوا إن معنى ذلك بسم الله حين تجري وحجتهم قوله بعدها وهي تجري بهم في موج كالجبال ٤٢ ولم يقل وهي تجري فهذا أول دليل على صحة معنى مجراها بفتح الميم وإسناد إلى السفينة في اللفظ والمعنى وقرأ الباقون مجراها ومرساها بضم الميمين أي بالله إجراؤها وبالله إرساؤها يقال أجريته مجرى وإجراء في معنى واحد وهما مصدران وحجتهم إجماع الجميع على ضم الميم في مرساها فرد ما اختلفوا فيه إلى ما أجمعوا عليه يا بني اركب معنا ٤٢ قرأ عاصم يا بني اركب بفتح الياء وقرأ الباقون بالكسر قال الزجاج كسرها من وجهين أحدهما أن الأصل يا بنيي والياء تحذف في النداء أعني ياء الإضافة وتبقى الكسرة تدل عليها ويجوز أن تحذف الياء لسكونها وسكون الراء من قوله اركب وتقر في الكتاب على ما هي في اللفظ والفتح من جهتين الأصل يا بنيا بالألف فتبدل الألف من ياء الإضافة العرب تقول يا غلاما أقبل ثم تحذف الألف لسكونها وسكون الراء وتقر في الكتاب على ما هي في اللفظ ويجوز أن أن تحذف الألف للنداء كا تحذف ياء الإضافة وإنما حذفت ياء الإضافة وألف الإضافة في النداء كما تحذف التنوين لأن ياء الإضافة زيادة في الاسم كما أن التنوين زيادة إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح فلا تسألن ما ليس لك به علم ٤٦ قرأ الكسائي إنه عمل غير صالح بنصب اللام والراء وحجته حديث أم سلمة قالت قلت يا رسول الله كيف أقرأ عمل غير صالح أو عمل غير صالح فقال عمل غير صالح بالنصب فالهاء في هذه القراءة عائدة على ابن نوح لأنه جرى ذكره قبل ذلك فكني عنه وكان بعض أهل البصرة ينكر هذه القراءة فاحتج لذلك بأن العرب لا تقول عمل غير حسن حتى تقول عمل عملا غير حسن وقد ذهب عنه وجه الصواب فيما حكاه لأن القرآن نزل بخلاف قوله قال الله تعالى ومن تاب وعمل صالحا معناه ومن تاب وعمل عملا صالحا وقال واعملوا صالحا ولم يقل عملا وقال في موضع آخر إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا وقال ويتبع غير سبيل المؤمنين ولم يقل سبيلا غير سبيل المؤمنين فكذلك قوله إنه عمل غير صالح معناه إنه عمل عملا غير صالح وقرأ الباقون إنه عمل غير صالح بفتح الميم وضم اللام والراء وحجتهم ما روي في التفسير جاء في قوله إنه عمل غير صالح أي إن سؤالك إياي أن أنجي كافرا عمل غير صالح لأن نوحا قال رب إن ابني من أهلي ٤٥ فقال الله تعالى إنه ليس من أهلك الذين وعدتك أن أنجيهم إن سؤالك إياي عمل غير صالح وقيل ليس من أهلك أي من أهل دينك فالهاء في قراءتهم كناية عن السؤال ولم يجر له ذكر ظاهر وذلك جائز فيا قد عرف موضعه أن يكني عنه أو جرى ما يدل عليه كقوله جل وعز ولا تحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله هو خيرا فكنى عن البخل لأنه ذكر الذين يبخلون اكتفاء به من ذكر البخل وكنى عنه وقال حتى توارت بالحجاب يعني الشمس وهذه أعلام لا يجهل موضعها قال الشاعر ... إذا نهي السفيه جرى إليه ... وخالف والسفيه إلى خلاف ... فقال جري إليه ولم يجر ذكر السفه ولكن لما ذكر السفيه دل على السفه والسؤال في قصة نوح لم يجر له ذكر ولكنه لما ذكر إن ابني من أهلي دل على السؤال وقال آخرون منهم الزجاج الهاء كناية عن ابن نوح أي إنه ذو عمل غير صالح كما قال الشاعر ... ترتع ما رتعت حتى إذا ادكرت ... فإنما هي إقبال وإدبار ... أي ذات إقبال وإدبار قرأ ابن كثير فلا تسألن بفتح النون مع التشديد الأصل فلا تسأل جزما على النهي ثم دخلت نون التوكيد ففتحت اللام لالتقاء الساكنين كما تقول لا تضربن ولا تشتمن أحدا الأصل لا تضرب ثم دخلت نون التوكيد فبني الكلام على الفتح لاجتماع الساكنين قرأ أهل المدينة فلا تسألني بتشديد النون وإثبات الياء في الوصل الأصل فلا تسألنني فاجتمعت ثلاث نونات مثل ما اجتمعت في إنني وكأنني ثم حذفوا النون التي زيدت مع الياء فقيل إني وكذلك حذفت النون في قوله فلا تسألني وقرأ قالون عن نافع وابن عامر فلا تسألن مكسورة النون مشددة من غير ياء الأصل كما ذكرنا إلا أنهم حذلوا الياء لأن الكسرة تدل على الياء وقرأ أبو عمرو فلا تسألني بتخفيف النون وسكون اللام مثبتة الياء في الوصل النون مع الياء اسم المتكلم في موضع نصب والنون إنما دخلت ليسلم سكون اللام قال عباس سألت أبا عمرو فقلت وقرأ بعض القراء فلا تسألن بفتح النون وأنا أقرأ فلا تسألني لقول الله تعالى رب إني أعوذ بك أن أسألك ٤٧ قال أن أسألك يدل على أنه نهاه أن يسأله وقرأ أهل الكوفة فلا تسألن خفيفة النون محذولة الياء وإنما حذفوا الياء اختصارا لأن الكسرة تدل على الياء ومن خزي يومئذ ٦٦ قرأ نافع والكسائي ومن خزي يومئذ بفتح الميم جعلا يوم وإذ بمنزلة اسمين جعلا اسما واحدا كقولك خمسة عشرة وقيل إنما فتح لأن الإضافة لا تصح إلى الحروف ولا إلى الأفعال فلما كانت إضافة يوم إلى إذ غير محضة فتح وبني وقرأ الباقون ومن خزي يومئذ بكسر الميم أجروا الإضافة إلى يوم مجراها إلى سائر الأسماء فكسروا اليوم على الإضافة كما يكسر المضاف إليه من سائر الأسماء وعلامة الإضافة سقوط التنوين من خزي ألا إن ثمود كفروا ربهم ألا بعدا لثمود ٦٨ قرأ حمزة وحفص ألا إن ثمود كفروا ربهم بغير تنوين وكذلك في الفرقان والعنكبوت والنجم ودخل معهما أبو بكر في النجم وقرأ الباقون بالتنوين فمن ترك التنوين جعله اسما لقبيلة فاجتمعت علتان التعريف والتأنيث فامتنع من الصرف ومن نون جعله اسما مذكرا لحي أو رئيس وحجتهم في ذلك المصحف لأنهن مكتوبات في المصحف بالألف وزاد الكسائي عليهم حرفا خامسا وهو قوله ألا بعدا لثمود منونا وقال إنما أجريت الثاني لقربه من الأول لأنه استقبح أن ينون اسما واحدا ويدع التنوين في آية واحدة ويخالف بين اللفظين وقد جود الكسائي فيما قال لأن أبا عمرو سئل لم شددت قوله تعالى قل إن الله قادر أن ينزل آية وأنت تخفف ينزل في كل القرآن فقال لقربه من قوله قالوا لولا نزل عليه آية من ربه قل إن الله قادر على أن ينزل آية فإن سأل سائل فقال قوله وآتينا ثمود الناقة من موضع نصب فهلا نون كما نون سائر المنصوبات الجواب أن هذا الحرف كتب في المصحف بغير ألف والاسم المنون إذا استقبله ألف ولام جاز ترك التنوين كقوله قل هل هو الله أحد الله الصمد قالوا سلما قال سلم ٦٩ قرأ حمزة والكسائي قالوا سلاما قال سلم بكسر السين وفي الذاريات مثله جعلاه من السلم وهو الصلح أي أمري سلم لست مريدا غير السلامة والصلح قال الفراء المعنى نحن سلم لأن التسليم لا يكون من عدو وكأن الفراء ذهب إلى أن الملائكة لما سلموا عليه كان ذلك دليلا على براءتهم مما وقع في نفسه من أنهم عدو فقال لهم حينئذ نحن متسالمون آمنون إذ سلمتم علينا ويكون معنى قوله في الذاريات قوم منكرون أي غير معروفين في بلدنا وإن التسليم منكم منكر لأنه لا يعهده إلا ممن هو على دينه ولم يتقرر عنده أنهم منهم قالوا والدليل على أن الثاني بخلاف معنى الأول أن إعرابهما مختلف فلو كانت الثانية مخرجها مخرج الأولى نصبت كما نصبت الأولى وقال قوم يجوز أن يكون معنى قوله سلم في معنى سلام كما قالوا حل وحلال وحرم وحرام قالوا والدليل على صحة ذلك أن التفسير ورد بأنهم سلموا عليه فرد عليهم وقرأ الباقون قال سلام جعلوه من التسليم وحجتهم في ذلك أنه مجمعون على الأول أنه بألف وهو تسليم الملائكة فردوا ما اختلفوا فيه إلى ما أجمعوا عليه الأول نصب على المصدر على معنى سلمنا سلاما والثاني رفع على إضمار عليكم سلام ومن قرأ سلم أي أمري سلم فبشرناه بإسحق ومن وراء إسحق يعقوب ٧١ قرأ حمزة وابن عامر وحفص ومن وراء إسحاق يعقوب بالنصب وقرأ الباقون بالرفع قال الزجاج فأما من قرأ ومن وراء إسحاق يعقوب في موضع نصب فمحمول على المعنى المعنى وهبنا لها إسحاق ووهبنا لها يعقوب ومن قرأ يعقوب فرفعه على ضربين أحدهما ابتداء مؤخر معناه التقديم والمعنى ويعقوب يحدث لها من وراء إسحاق ويجوز أن يكون مرفوعا بالفعل الذي يعمل في قوله من وراء كأنه قال ويثبت لها من وراء إسحاق يعقوب فأسر بأهلك بقطع من الليل ولا يلتفت منكم أحد إلا امرأتك ٨١ قرأ نافع وابن كثير فاسر بأهلك بوصل الألف في كل القرآن من سرى يسري وقرأ الباقون فأسر بقطع الألف وهما لغتان فصيحتان نزل بهما القرآن قال الله تعالى سبحان الذي أسرى بعبده وقال والليل إذ يسري يقال سريت وأسريت إذا سرت ليلا وقال آخرون منهم أبو عمرو الشيباني يقال سرى في أول الليل وأسرى من آخره قرأ ابن كثير وأبو عمرو ولا يلتفت منكم أحد إلا امرأتك بالرفع على معنى ولا يلتفت منكم أحد إ لا امرأتك فإنها ستلتفت فقوله امرأتك بدل من قوله أحد كقولك ما قام أحد إلا أبوك وما رأيت أحدا إلا أخاك وكان أبو عمرو يتأول أن لوطا كان سار بها في أهله وحجته ما روي عن ابن عباس أنه قال إنها سمعت الوجبة فالتفتت فأصابها العذاب وقرأ الباقون امرأتك بالنصب استثناء من الإسراء وحجتهم ما روي عن عبد الله بن مسعود أنه قال فأسر بأهلك بقطع من الليل إلا أمرأتك فدل ذلك ان الاستثناء كان من أهله الذين أمر بالإسراء بهم لا من أحد والمعنى في هذه القراءة أنه لم يخرج امرأته مع أهله وفي القراءة الأخرى أنه خرج بها فالتفتت فأصابتها الحجارة أصلوتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا ٨٧ قرأ حمزة والكسائي وحفص أصلاتك بغير واحد وحجتهم إجماع الجميع على التوحيد في قوله إن صلاتي ونسكي وقرأ الباقون أصلواتك على الجمع وحجتهم أنها مكتوبة في المصحف بواو وكذلك في سورة براءة يوم يأت لا تكلم نفس إلا بإذنه ١٠٥ قرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو والكسائي يوم يأتي بالياء في الوصل وأثبتها ابن كثير في الوقف أيضا وحجتهم أنها مثبتة في المصحف وقرأ الباقون بحذف الياء قال الخليل إن العرب تقول لا أدر فتحذف الياء وتجتزئ بالكسر إلا أنهم يزعمون أن ذلك لكثرة الاستعمال والأجود في النحو إثبات الياء وأما الذين سعدوا ففي الحنة ١٠٨ قرأ حمزة والكسائي وحفص وأما الذين سعدوا بضم السين على ما لم يسم فاعله تقول سعد زيد لازما وسعده الله متعديا قال الكسائي سعد واسعد لغتان ومن ذلك رجل مسعود من سعد اعلم أن سعده الله قليل في الاستعمال ومصدره ومفعوله كثير لأن مسعودا في كلام العرب أكثر من مسعد وأسعده الله في كلامهم أكثر من سعده الله فقول مسعود يدل على جواز سعده الله وقراءتهم لا تكون إلا من سعده الله فغالب الاستعمال في المفعول على الفعل الذي لا زيادة فيه هو سعد وغالب الاستعمال في الفعل هو اللفظ الذي بزيادة الميم وهو أسعد ومثله يقال أحب والاسم منه محب إلا أنه قل الاسم من أحب وإنما يقولون محبوب وكثر الفعل منه فيقال أحب وكثر الاسم من حب فيقولون محبوب وقل الفعل منه فلا يقال حب وكذلك سعد قل الفعل منه وكثر الاسم منه وقل الاسم من أسعد فلا يقال مسعد وكثر الفعل منه فيقال أسعد وقرأ أهل الحجاز والبصرة والشام وأبو بكر وأما الذين سعدوا بفتح السين وحجتهم ذكرها اليزيدي فقال يقال ما سعد زيد حتى أسعده الله وهذه القراءة هي المختارة عند أهل اللغة يقال سعد فلان وأسعده الله وأخرى وهي أنهم أجمعوا على فتح الشين في شقوا ١٠٦ ولم يقل شقوا فكان رد ما اختلفوا فيه إلى حكم ما أجمعوا عليه أولى ولو كانت بضم السين كان الأفصح أن يقال أسعدوا وإن كلا لما ليوفينهم ربك أعمالهم ١١١ وقرأ أبو عمرو والكسائي وإن كلا لما بتشديد إن وتخفيف لما وجهه بين وهو أنه نصب كلا ب إن وإن تقتضي أن تدخل على خبرها اللام أو على اسمه إذا حل محل الخبر فدخلت هذه اللام وهي لام الابتداء على الخبر في قوله وإن كلا لما وقد دخلت في الخبر لام أخرى وهي لام القسم وتختص بالدخول على الفعل ويلزمها في أكثر الأمر إحدى النونين فلما اجتمعت اللامان فصل بينهما ب ما فلام لما لام إن وما دخلت للتوكيد ولم تغير المعنى ولا العمل واللام التي في ليوفينهم لام القسم وقال أهل الكوفة في ما التي في لما وجهان أحدهما أن يكون بمعنى من أي وإن كلا لمن ليوفينهم ربك كما قال سبحانه فانكحوا ما طاب لكم من النساء وإن أكثر استعمال العرب لها في غير بني آدم والوجه الآخر أن يجعل ما التي في لما بمعنى ما التي تدخل صلة في الكلام ويلي هذا الوجه في البيان قراءة نافع وابن كثير فأما تخفيف إن وترك النصب على حاله فلأن إن مشبهة بالفعل فإذا حذف التشديد بقي العمل على حاله وهي مخففة من إن قال سيبويه حدثني من أثق به أنه سمع من العرب من يقول إن عمرا لمنطلق فإن سأل سائل فقال إنما نصبت ب إن تشبيها بالفعل فإذا خففت زال شبه الفعل فلم نصبت بها فالجواب أن من الأفعال ما يحذف منه فيعمل عمل التام كقولك لم يك زيد منطلقا فكذلك إن جاز حذفها وإعمالها وقرأ ابن عامر وحمزة وحفص كلا لما بالتشديد فيها قال الكسائي من شدد إن ولما فالله أعلم بذلك وليس لي به علم وقال الفراء أما الذين شددوا فإنه والله أعلم لمما ثعلب يروي بكسر الميم لمن أراد لمن ما ليوفينهم فلما اجتمعت الميمات حذفت واحدة فبقيت ثنتان أدغمت واحدة في الأخرى كما قال الشاعر ... وإني لمما أصدر الأمر وجهه ... إذا هو أعيا بالسبيل مصادره ... وقال آخرون معنى ذلك وإن كلا لما بالتشديد أراد لما بالتنوين ولكن حذف منه التنوين كما حذف من قوله أرسلنا رسلنا تترى قال الفراء وحدثت أن الزهري قرأ وإن كلا لما بالتنوين يجعل اللم شديدا كقوله أكلا لما أي شديدا فيكون المعنى وإن كلا شديدا وحقا ليوفينهم أعمالهم بمنزلة قولك في الكلام وإن كلا حقا ليوفينهم وقال آخرون منهم المازني إن أصلها لمما ثم شددت الميمين زيادة للتوكيد وكيلا يحذفها الإنسان ويشبهها بقوله فبما رحمة من الله فيقول وإن كلا ليوفينهم فيجتمع لامان فلهذا شددت قال الفراء وأما من جعل لما بمنزلة إلا فإنه وجه لا نعرفه كما لا يحسن إن زيدا إلا منطلق فكذلك لا يحسن وإن كلا إلا ليوفينهم شرح هذا أن إن إثبات للشيء وتحقيق له وإلا تحقيق أيضا وإيجاب وإنما تدخل نقضا لجحد قد تقدمها كقولك ما زيد إلا منطلق وكقوله إن كل نفس لما عليها حافظ أي ما كل نفس إلا عليها حافظ وفي قوله تعالى وإن كلا لما لم يتقدمه حرف جحد فيقول إن لما بمعنى إلا كما ذكرنا وإنما تقدم ها هنا إن التي للتحقيق فقد بطل قول من قال إن لما بمعنى إلا ووجهها ما قد ذكرنا عن أهل النحو وقرأ أبو بكر وإن كلا خفيفة لما مشددة وإن مخففة من إن وقد ذكرنا أن العرب تقول إن عمرا لمنطلق ولا يجوز أن يجعل إن بمعنى التي تكون بمعنى الجحد لأنها قد نصبت وإن إذا كانت بمعنى الجحد لا تنصب قال الكسائي من خفف إن وشدد لما لست أدري والله أعلم بوجهه إنما نقرأ كما أقرئنا قال وذلك أن إن إذا نصبت بها وإن كانت مخففة كانت بمنزلتها مثقلة ولما إذا شددت كانت بمنزلة إلا قلت وجه هذه القراءة ما قد ذكرنا في قراءة حمزة وابن عامر والله أعلم وإليه يرجع الأمر كله فاعبده وتوكل عليه وما ربك بغافل عما تعملون ١٢٣ قرأ نافع وحفص وإليه يرجع الأمر بضم الياء على ما لم يسم فاعله أي يرد الأمر كله إليه وقرأ الباقون يرجع أي يصير الأمر إليه وحجتهم قوله ألا إلى الله تصير الأمور ولم يقل تصار قرأ نافع وابن عامر وحفص وما ربك بغافل عما تعملون بالتاء على الخطاب وقرأ الباقون بالياء أي وما ربك بغافل عما يعمل هؤلاء المشركون ١٢ - سورة يوسف عليه السلام إذ قال يوسف لأبيه يا أبت إني رأيت ٤ قرأ ابن عامر يا أبت بفتح التاء في جميع القرآن وقرأ الباقون بكسر التاء على الإضافة إلى نفسه الأصل يا أبي فحذفت الياء لأن ياء الإضافة تحذف في النداء كما يحذف التنوين وتبقى الكسرة تدل على الياء كما تقول رب اغفر لي وفي التنزيل رب قد آتيتني من الملك ويا قوم والأصل يا قومي فحذفت الياء وإنما تحذف في النداء لأن باب النداء باب التغيير والحذف وأما إدخال تاء التأنيث في الأب فقال قوم إنما دخلت للمبالغة كما تقول علامة ونسابة فاجتمع ياء المتكلم والتاء التي للمبالغة فحذفوا الياء لأن الكسرة تدل عليها وقال الزجاج إن التاء كثرت ولزمت في الأب عوضا عن ياء الإضافة فلهذا كسرت التاء لأن الكسرة أخت الياء ومن فتح فله وجهان أحدهما أن يكون أراد يا أبتا فأبدل من ياء الإضافة ألفا ثم حذف الألف كما تحذف الياء وتبقى الفتحة دالة على الألف كما أن الكسرة تدل على الياء والوجه الآخر أنه إنما فتح التاء لأن هذه التاء بدل من ياء المتكلم واصل ياء المتكلم الفتح فتقول يا غلامي وإنما قلنا ذلك لأن الياء هو اسم والاسم إذا كان على حرف واحد فأصله الحركة فتكون الحركة تقوية للاسم فلما كان أصل هذه الياء الفتحة كان الواجب أن تفتح لأنها بدل من الحرف الذي هو أصله ليدل على المبدل وقف ابن كثير وابن عامر يا أبه على الهاء وحجتهما أن التغييرات تكون في حال الوقف دون الإدراج فتقول رايت زيدا فتقف عليه بالألف ووقف الباقون بالتاء وحجتهم أن هذه التاء بدل من الياء فكما أن الياء على صورة واحدة في الوصل والوقف فكذلك البدل يجب أن يكون مثل المبدل منه على صورة واحدة لقد كان في يوسف وإخوته ءايت للسائلين ٧ قرأ ابن كثير آية للسائلين أي عبرة وحجته قوله لقد كان في قصصهم عبرة ولم يقل عبر كأنه جل شأنه كله آية كما قال جل وعز وجعلنا ابن مريم وأمه آية فأفرد كل واحد منهما آية وقرأ الباقون آيات للسائلين على الجمع أي عبر جعلوا كل حال من أحوال يوسف آية وعبرة وحجتهم في ذلك أنها كتبت في المصحف بالتاء وألقوه في غيابة الجب١٠ قرأ نافع في غيابات الجب بالألف أراد ظلم البئر ونواحيها لأن البئر لها غيابات فجعل كل جزء منها غيابة فجمع على ذلك وقرأ الباقون غيابة وحجتهم أنهم ألقوه في بئر واحدة في مكان واحد لا في أمكنة أرسله معنا غدا يرتع ويلعب ١٢ قرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر نرتع ونلعب بالنون أخبر الإخوة عن أنفسهم وحجتهم ذكرها الزيدي قال وتصديقها قوله بعدها إنا ذهبنا نستبق فكأن اليزيدي ذهب إلى أنهم أسندوا جميع ذلك إلى جماعتهم إذ أسندوا الاستباق قيل لأبي عمرو فكيف يلعبون وهم أنبياء الله فقال إذ ذاك لم يكونوا أنبياء الله وقرأ أهل المدينة والكوفة يرتع ويلعب بالياء إخبارا عن يوسف وبذلك جاء تأويل أهل التأويل في ذلك قال ابن عباس يرتع ويلعب أي يلهو وينشط ويسعى وحجتهم في ذلك أن القوم إنما كان قولهم ذلك ليعقوب اختداعا منهم إياه عن يوسف إذ سألوه أن يرسله معهم لينشط يوسف لخروجه إلى الصحراء ويلعب هناك لا أنهم أرادوا إعلامه بما لهم من الرفق والفائدة لخروجه قرأ نافع وابن كثير نرتع بكسر العين أي يرعى ماشيته ويرعى المال كما يرعاه الراعي وهو يفتعل من الرعاية تقول ارتعى القوم إذا تحارسوا ورعى بعضهم بعضا وحفظ بعضهم بعضا ويقال رعاك الله أي حفظك والأصل نرتعي فسقطت الياء للجزم لأنه جواب الأمر وقرأ الباقون يرتع بجزم العين أي يأكل يقال رتعت الإبل وأنا أرتعتها إذا تركتها ترعى كيف شاءت قال الشاعر ... ترتع ما رتعت حتى إذا ادكرت ... فإنما هي إقبال وإدبار ... وكذلك الإنسان يقال رتع يرتع رتعا فهو راتع وعلامة الجزم سكون العين في هذه القراءة وإنما انجزم لأنه جواب الأمر المعنى أرسله إن ترسله يرتع ويلعب وأخاف أن يأكله الذئب وأنتم عنه غافلون ١٣ قرأ أبو عمرو والكسائي وورش عن نافع الذيب بغير همز وقرأ الباقون بالهمز وهو الأصل لأنه مأخوذ من تذاء بت الريح إذا أتت من كل ناحية فكأنه شبه من خفته وسرعة حركته بالريح قال يا بشرى هذا غلام ١٩ قرأ عاصم وحمزة والكسائي يا بشرى بترك الإضافة فيها وجهان أحدهما أنهم جعلوه اسم رجل فيكون دعا إنسانا اسمه بشرى وحجتهم ما قد روي عن جماعة من المفسرين أنهم قالوا كان اسمه بشرى فدعاه المستقي باسمه كما يقال يا زيد فيكون بشرى في موضع رفع بالنداء والوجه الآخر أن يكون أضاف البشرى إلى نفسه ثم حذف الياء وهو يريدها كما تقول يا غلام لا تفعل يكون مفردا بمعنى الإضافة وقرأ الباقون يا بشراي بإثبات ياء الإضافة وفتحها أضاف البشرى إلى نفسه وإنما فتحوا الياء على اصلها لئلا يلتقي ساكنان فجرت مجرى عصاي وبشراي في موضع نصب كما تقول يا غلام زيد وقالت هيت لك ٢٣ قرأ أهل العراق هيت لك بفتح الهاء والتاء أي هلم وتعال وأقبل إلى ما أدعوك إليه وحجتهم قول الشاعر ... ابلغ أمير المؤمنين ... أخا العراق إذا أتيتا ... أن العراق وأهله ... عنق إليك فهيت هيتا قال الزجاج أما فتح التاء في هيت فلأنها بمنزلة أصوات ليس منها فعل يتصرف ففتحت التاء لسكونها وسكون الياء واختير الفتح لأن قبل التاء ياء كما قالوا كيف وأين وقرأ أهل المدينة والشام هيت وهي لغة وقرأ ابن كثير هيت بفتح الهاء وضم التاء وحجته قول الشاعر ... ليس قومي بالأبعدين إذا ما ... قال داع من العشيرة هيت ... هم يجيبون ذا هلم سراعا ... كالأبابيل لا يغادر بيت ... فأما الضم من هيت فلأنها بمعنى الغايات كأنها قالت دعائي لك فلما حذفت الإضافة وتضمنت هيت معناها بنيت على الضم كما بنيت حيث وقرأ هشام هئت بالهمز من الهيئة كأنها قالت تهيأت لك إنه من عبادنا المخلصين ٢٤ قرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر المخلصين بكسر اللام في جميع القرآن أي أخلصوا دينهم وأعمالهم من الرياء وحجتهم قوله وأخلصوا دينهم وقوله مخلصا له ديني فإذا أخلصوا فهم مخلصون تقول رجل مخلص مؤمن فترى الفعل في اللفظ له وقرأ أهل المدينة والكوفة المخلصين بفتح اللام أي الله أخلصهم من الأسواء والفواحش فصاروا مخلصين وحجتهم قوله تعالى إنا أخلصناهم بخالصة ذكرى الدار فصاروا مخلصين بإخلاص الله إياهم وقلن حاش لله ٣١ قرأ أبو عمرو وقلن حاشا لله بالألف وحجته ذكرها اليزيدي فقال يقال حاشاك وحاشالك وليس أحد من العرب يقول حاشك ولا حاش لك وقرأ الباقون حاش لله وحجتهم أنها مكتوبة في المصاحف بغير ألف حكى أبو عبيد عن الكسائي أنها في مصحف عبد الله كذلك وأصل الكلمة التبرئة والاستثناء واختلف النحويون في حاشا منهم من قال إنه فعل ومنهم من قال إنه حرف قال تزرعون سبع سنين دأبا وفيه يعصرون ٤٧ و٤٩ قرأ حفص سبع سنين دأبا بفتح الهمزة وقرأ الباقون ساكنة الهمزة وهما لغتان مثل النهر والنهر والظعن والظعن وكل اسم كان ثانيه حرفا من حروف الحلق جاز حركته وإسكانه قرأ حمزة والكسائي وفيه تعصرون بالتاء أي تنجون من البلاء وتعتصمون بالخصب قال عدي بن زيد ... لو بغير الماء حلقي شرق ... كنت كالغصان بالماء اعتصاري ... وقال مؤرج العصر الملجأ فعنى تعصرون أي تلجؤون إلى العصر وحجتهما قوله تزرعون سبع سنين وتأكلون ومما تحصنون ٤٨ كأنما وجه الخطاب إلى المستفتين الذين قالوا أفتنا في كذا وقرأ الباقون يعصرون بالياء أي يعصرون الزيت والعنب وحجتهم ذكرها اليزيدي فقال يعني الناس ذهب اليزيدي إلى أنه لما قرب الفعل من الناس جعله لهم يتبوأ منها حيث يشاء نصيب برحمتنا من نشاء ولا نضيع أجر المحسنين ٥٦ قرأ ابن كثير حيث نشاء بالنون الله أخبر عن نفسه وحجته ما بعده وهو نصيب برحمتنا من نشاء ولا نضيع. وقرأ الباقون حيث يشاء أي يوسف كأنه قال يتبوأ يوسف. اهـ (حجة القراءات لابن زنجلة. ص: ٣٣١ - ٣٦٠) (ط. مؤسسة الرسالة - بيروت) .