للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إنها قد هيأت خدمات يمكن لهن القيام مقامها، ولما كانت قد انتهت وظيفتها وأوفت ما يجب عليها زوجناها ولها الآن ثلاثة أولاد.

قالت: وأين هي الآن؟ قلت: حيث إنها ذات بعل هي الآن في بيت زوجها.

قالت: هل تبقى وظيفة رئاسة الخدم في الأقدم؟ قلت لها: كلا، إن سيدة المنزل تنتخب من ضمن الجاريات اللاتي تهذبن على أيدي رئيسة الخدم أكثرهن ذكاء واستعدادا وتعينها رئيسة للخدم وسائر الجواري ينلن الهدايا مثلها بمقابلة خدمتهن ولا يمكن أن يكن رئيسات للخدم، واكتساب هذا العنوان بمجرد القدمية على أن رئيسة الخدم لا تعاملهن الساذجات ولا تأتيهن بكلام الأمر وغنما مصدر إخطاراتها وتنبيهاتها بطريق المجاملة واللطف وتعاملهن معاملة شقيقات لها.

قالت: ذكرت شيئا يتعلق بالرواتب فهل تدفعون راتبا للجواري؟ قلت: لا ريب في ذلك نعم إن سيد الجاريات هو الذي يقوم بتسوية ما يلزمهن من الألبسة وسائر الحاجات غير أن لهن نفسا كما لا يخفى ولكل نفس ميل ورغبة فربما اشتهين طعاما لم يكن له وجود ذاك النهار في البيت، وربما ملن إلى الحصول إلى ألبسة تختلف عن الألبسة التي عملها لهن سيدهن، فهذه الرغائب والمشتهيات يأخذنها بالدراهم التي يدخرنها من رواتبهن ولذلك كان لهن رواتب مخصوصة قالت: وهل تعطون إلى الجاريات القديمات علاوة على ذلك هدايا؟ فقتل لها: لا، فقط هدايا أيتها لمادام وإنما متى صارت الجارية خصيصة على أهل المنزل نجهزها الجهاز اللازم، وإذا نالت الجارية حظوة في عين سيدها وكان سيدها مقتدرا فإنه هو الذي يقترن بها.

قالت: ألا تشترون الجواري أنتم بالدراهم؟

قلت: أجل غير أن الدراهم التي ندفعها إنما تدفع للبائع، فالجارية لا تستفيد منها شيئا، والفائدة عائدة لأقرباء البائع أو سيده، والديانة الإسلامية تأمرنا بان نترك للجواري حقا علينا، ولأجل ذلك نعطي لكل جارية هدايا ودراهم وجهاز بمقابلة خدمتها.

فقالت: يستفاد من ذلك أن الجاريات هن نوع من الخادمات؟ قتل: نعم، إنهن يشبهن الخادمات التي يستخدمن مشاهرة أو بالنسبة غير أن الخادمة إنما تعين لها أجرة ومدة معلومة فإن الجهالة في الأجرة ومقدار الجل إنما هي إجارة فاسدة.

وأما الجارية فإن الدراهم التي ستنفق عليها كما أنها غير معلومة كذلك مدة خدمتها غير معينة بناء عليه كانت معاملتها مماثلة للإجارة الفاسدة ولكن جرت العادة والتعامل على هذا الوجه والدراهم التي ينفقها سيد الجارية عليها إنما تكون بمقتضى صدقاتها وثروة سيدها وهذه القيم بعينها العرف وترسمها العادة.

أما مدة خدمتها فإنها وإن كانت غير معنية إلا أن الشريعة تأمرنا بهذا النص: "يجب أن تعتقوا الجارية بعد خدمة تسع سنوات وإذا لم تكن لكم ثروة واقتدار فبيعوها إلى شخص من أهل المروءة يعتقها".

ومع ذلك فإن العرف والعادة قد تقدمت درجة أخرى بهذا الموضوع حتى صار يعاب على الذين لا يعتقون جواريهن بعد سبع سنوات أما ذوو البيوتات من أهل الديانة والمروءة فإنهم لا يقيدوهن بهذا المقدار لن في الدين أسباب كثيرة تقضي بالعتق وإطلاق الحرية لهن، ومن جملة ذلك أن شخصا متى نال مراما يرجوه يعتق عبدا من قبيل شكر النعمة، وإذ نذر بعضهم

<<  <   >  >>