قائلا: إنني إذا حصلت على القصد الفلاني أعتق لأجله عبدا وجب عليه أن يقوم بإبقاء النذر.
وأما الجارية التي تقوم بتربية ابن سيدها فإنها تعطى حريتها فيا ليوم الذي يذهب به الصغير إلى المدرسة، ومن حيث إن أكثر الصغار يرسلون إلى المدرسة وهم في السن الرابعة من عمرهم كانت مدة إسارة المربيات أربع سنوات حتى إنه إذا ارتكب شخص قصدا إفساد صوم يوم واحد من صيامه فرض عليه أن يكفر عن ذلك بإعطاء الحرية لعبد واحد وإذا لم يستطع هذا الأمر فالكفارة تكون ستين يوما فيستنتج من كل ما تقدم أن إطلاق حرية عبد واحد تقوم مقام صيام ستين يوما، وعلى ذلك كان هناك أسباب شرعية وآداب ملية تجبر أهل الإسلام على عتق العبد.
قالت: حسن جدا غير أن الخادمة يمكنها أن لا تخدم في المنزل الذي لا ترضاه، أما الجارية فإنها مكرهة على البقاء في الخدمة وإن يكن سيدها ظالما؟ فقلت: لماذا إن الجارية التي تكون غير مسرورة من المنزل وكانت راغبة في تركه فيكفي في ذلك أن تقول: بيعوني وحينئذ تباع إلى من ترضاه ويعجبها، وقد جرت العادة أنها لا يمكن أن تباع إلى شخص لا يلائمها، وأما من حيث الوجه الشرعي فإن الظلم والجفاء لا يجوز إتيانه بحق الأسرى على وجه الإطلاق وعند مراجعة المحكمة في الأمر فالعدالة تأخذ مجراها لدى الحاكم.
قالت: يستفاد من ذلك أنه لا فرق بينهن وبين الخادمات.
قلت: كلا يأيتها المادام أننا لسنا بمديونين للخدمة بهذا القدر فإن الخادمة تتناول راتبها الشهري ليس إلا وفي الزمن الذي لا نحتاج به إليها نمنحها الإذن فتذهب إلى حيث شاءت، ومتى صارت ذات بعل هي التي تهيئ جهازها لنفسها، ثم إنها إذا لم تتفق مع زوجها ورغبت في الانفصال عنه فهي بذاتها تبحث عن محل لها.
وأما الجارية فليست من هذا القبيل لأنها متى صارت زوجة ولم تستطع أن تعيش مع زوجها ورغبت في أن تنفصل عنه أتت توا إلى منزل سيدها كأنما هي آتية إلى منزل أبيها وحينئذ يترتب على سيدها أن يتحرى لها على زوج ملائم فيزوجها به تكرارا والأسياد هم الذين يتولون حماية أولاد جواريهم ويساعدونهم في تعليمهم وتدريسهم، وكل جارية تشاهد من زوجها ظلما تشكو أمرها إلى سيدها الذي يدافع عنها فإذا توفي زوجها ولم يترك ميراثا كافيا لإدارتها تأتي بأولادها إلى منزل سيدها نظير هاته الجارية المعتوقة التي ترينها من هذه النافذة قابضة على يد ولدها الصغير وطائفة به في فناء الدار لأنه متى عجزت الجارية المعتوقة عن القيام بإدارة نفسها وجب شرعا على معتقها أيا كان أن ينفق عليها فإذا امتنع أكرهه القاضي على ذلك. وبعكس الأمر إذا توفيت جارية بلا عب عن ثروة طائلة كان لمانحها الحرية - أيا كان - نصيب من الإرث فينتج من ذلك أن الجواري معدودات من أخصاء العائلة تماما وزيادة عما تقدم أننا نأتمن الجواري على مفاتيح خزائننا ونسلمهن إياها مع أننا لا نأتمن الخدم عليها بالكلية، فإن الجواري لا يركبن غارب الخيانة لأن بين الجارية وسيدها صلة ورابطة كبيرة بهذا المقدار، حتى أن الجارية لا يمكن أن تخون مولاها إلا إذا كان الأولاد يخونون والديهم فإذا مرض سيدها بذلت روحها وقلبها في سبيل خدمته مخافة أن تفقده، وكان مثلها في هذا الأمر مثل الأولاد الذين تأخذهم الرعدة والمخاوف من فقد وضياع أمهم وأبيهم ثم هي إذا أصابها ألم في الرأس حصلت عناية سيدها على مثل ما عاملته تماما، ومع أن للجواري المعتوقات كل الحرية في الذهاب إلى أني شئن فلم يتفق