للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

معاملة تخالف المروءة الشرعية فبعد أن يستخدمونها ثلاث سنين أو خمس سنين يبيعونها أيضا من شخص آخر تكرارا، ميلا في ذلك إلى المنفعة الشخصية.

ألي أن الناس [يسيئون] الاستعمال ويخبطون في لجج التأويلات الفاسدة فيما يتعلق حتى بأكثر القوانين نفعا وأشد القواعد فائدة وحسنا تبعا لأغراضهم الذاتية؟ وأما بحسب الإنسانية فإن الأمر الذي يوجب التأسي والتسلي أن الذين يذهبون هذا المذهب في سوء استعمال الشريعة وسوء تأويل العرف والعادات الإسلامية إنما هم دون الطفيف وهؤلاء من حيث الأنظار والأفكار العمومية معدودون من أرباب التجاوز الذين خرجوا عن الحق ودائرة المروءة وتلطخوا بالعار.

أما المدام فإنها قد تلقت هذه الملاحظات بأهمية مخصوصة. وبعد أن اعترفت أنه كثيرا ما يطرأ على المروءة أمور من عدم الرعاية بين الآباء والأولاد والزواج والأخوة في أوروبا أيضا.

قالت: أيتها السيدة إنه مهما يكن أن يقال من المطاعن على الرقيق فجميعه قد قيل في أوروبا وسطر في الأوراق وأصبح معلوما عند كل إنسان، غير أن المسائل التي كانت مجهولة لدينا عن الرقيق إنما هي النقط التي أتيت على تعريفها وبيانها، فلقد أصبحت من جراء بيانك ممتنة شاكرة على أن لي شيئا آخر أسألك إياه وهو أنك قد أحسنت كل الإحسان في بيان الآمال والرغائب التي تتجسم في مخيلات الفتيات الجركسيات عندما يفارقن آباءهن وأمهاتهن، ولكن ما رأيك وقولك فيمن يبيعون الأطفال الذين يكونون لم يبلغوا بعد السن الذي يتسنى لهم فيه أن يميزوا مراكزهم ولا يكونوا عرفوا فيه شيئا من أحوال العالم؟ قلت: أيتها المدام، إن هؤلاء لا يكتفون بان تصبح بناتهم ذات يوم من السيدات، وإنما يتشوقون إلى تزينهن بحلى العلم والتربية التي ترفع شان المرأة وتمكنها من السيادة، وهم يحبون أولادهم محبة كلية إلى درجة إنهم يأبون إبقاءهم في ذلك الاحتقار لديهم إذ تعلمين من هم الذين يشترون الجواري الصغيرات.

قالت: لا جرم إن مجرد التفكر في بيعهن قد أورث فؤادي دهشة هذا حدها حتى إنه لم يبق لدي من ميل لأن أفتكر فيمن هم الذين يشترونهن. قلت: أتمنعك هذه الدهشة من الإصغاء إلى ما سألقيه عليك من الإيضاحات؟

قالت: إن بعض ممن يشترون الجواري الصغيرات هم العقيمون من البنين فيجعلوهن بمثابة أولادهن والبعض الآخر يأخذون الجميلات منهن فيهيؤنهن للسيادة بمعنى أنهم يعلموهن القراءة والكتابة ويربونهن تربية بنات المدن العظيمة ليصبحن في المستقبل بمقام السيدات، وعليه فإن سيد الجارية التي يمكن في المستقبل أن تباع بخمسمائة لير إلى ألف لير لا يقصر في الاهتمام بها والإحسان إليها بما تصل إليه يد الإمكان وأكثر العيال التي تشتري الجواري ليتزوجوا بهن إنما هي من هذا البعض الذي أشرت إليه والبعض أيضا يربون هؤلاء البنات الصغيرات في بيوتهم إلى أن يكبرن فيكن زوجات لأولادهم ويوجد قسم من هؤلاء الصغيرات تأخذن العيال الكبيرة ليكن بمنزلة مصاحبات أو رفيقات لأولادها ولكل فتاة من ذوي البيوتات الكبيرة جارية صغيرة مماثلة لها بالسن، فهذه الجارية تتعلم القراءة والكتابة مع سيدتها وتتربى التربية عينها، ومتى تزوجت السيدة يطلق سراح هاته الجارية في اليوم الذي يحتفل فيه بعرسها، ومن المعلوم أن تهذيبها كسيدتها يؤهلها للحصول على زوج ملائم لها فهذه أيتها المدام هي الأسباب التي تبعث على بيع الجواري

<<  <   >  >>