للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[١/ ٢٤٧] ذلك، ولو لم ينوه الساعي، بدليل أن من ظُلِمَ في خراجه يحتسبه من العشر أو من خراجٍ آخر. ونقل حَرْبٌ عن الإمام في أرض صلحٍ يأخذ السلطان منها نصف الغلة: ليس له ذلك. قيل له: فيزكي المالك عما بقي في يده؟ قال: يجزئ ما أخذه السلطان عن الزكاة، يعني إذا نوى به المالك. وقال الشيخ: ما أخذه باسم الزكاة، ولو فوق الواجب، بلا تأويل، اعتدّ به، وإلا فلا اهـ. ملخصًا من الفروع.

وإن أخذ الساعي أكثر من الواجب بلا تأويل، كأخذه من أربعين مختلطةٍ شاةً من مال أحدهما، رجع على خليطه بقيمة نصف شاةٍ، لأن الزيادة ظلم. فلا يجوز رجوعه لمحلى غير ظالمه.

وأطلق الشيخ تقي الدين في رجوعه على شريكه قولين، قال: أظهرهما يرجع. وقال في "المظالم المشتركة" (١): تطلب من الشركاء، يطلبها الولاة والظلمة من البلدان، والكُلَفِ السلطانية وغير ذلك: يلزمهم التزام العدل في ذلك، فمن تغيَّبَ أو امتنع، فأخذت حصته من غيره، رجع عليه من أدّى عنه في الأظهر، إن لم ينو تبرعًا. ولاشبهة على الآخذ في الأخذ. ومن صودر على مالٍ وأُكرِه أقاربه أو جيرانه ونحوهم على أن يؤدوا عنه فلهم الرجوع، لأنهم ظُلِمُوا لأجله اهـ باختصار.

(٤) قوله: "وتضمين أموال العشر الخ": نص الإمام أحمد رحمه الله تعالى على معنى ذلك، وعلَّلَهُ في الأحكام السلطانية وغيرها بأن ضمانها بقدرٍ معلوم يقتضي الاقتصار عليه في تملك ما زاد وغُرْمِ ما نقص. وهذا منافٍ لموضوع العمالة وحكم الأمانة.

أقول: وهل يجزئ ما يأخذه الضامن من العشر عن الواجب، كما يفعله أهل زماننا، فإنهم يضمّنون العشر، فيأخذ الضامن من المزارعين العشر بموجب ضمانه، وتارةً يأخذ القيمة، وقد يكون كافرًا، وقد يأخذه بغير اسم الزكاة؟ لم أَرَ من تعرض له.


(١) رسالة "المظالم المشتركة" للشيخ تقي الدين بن تيمية، مطبوعة قديمًا بمصر.