(٨) قوله: "ولو من دم حائض الخ": أشار بلو للخلاف فيه، فقد قيل إنه لا يعفى عن شيء منه. ولعل هذا القائل تمسّك بقوله - صلى الله عليه وسلم - للتي قالت له: أرأيت إحدانا تحيض في الثوب كيف تصنع؟ قال:"تحتُّه، ثم تَقْرُصُه بالماء، وتنضحه، وتصلي فيه" فإنه أمرها بغسله، ولم يسْألها عن كثرته وقلته، فدل على عدم العفو عن يسيره.
أقول: لكن قد يقال: إن دم الحيض غالبًا يكون كثيرًا في ثوب الحائض، فأطلق أمرها بالغسل لذلك، فالتمسك بظاهره غير وجيه. ولأنه دم طاهرٍ في الحياة كدم شاة ونحوها، وكدم فِصَادَةٍ ونحوها، بل أولى في العفو عن يسيره، لمشقة التحرز عنه، فهو كدم دمّل ونحوه، فلا وجه لعدم العفو عن يسيره، فليحرر.
(٩) قوله: "وطين شارع الخ" وكذا تراب الشوارع إن سَفَتْهُ الريح إلى ثوبٍ رطبٍ أو بدن، أو علق بالثياب ونحوها، فحكمه حكم الطين، إن ظُنَتْ نجاسته طاهر، وإن تحققت يعفى عن يسيره. ولا فرق بين أيام الشتاء وغيرها كما هو ظاهر.
[باب الحيض]
خلق الله تعالى دم الحيض لحكمةٍ تربية الولد وغذائه. والولد خلق من ماء الأبوين. فإذا حملت انصرف حيضها بإذن الله تعالى إلى غذائه، ولذلك لا تحيض الحامل. فإذا وضعت قَلَبَهُ الله تعالى لَبَنًا يتغذى به الولد. ولذلك قلَّ أن تحيض المرضع. فإذا خلت منهما بقى الدم لا مصرف له، فيستقر في مكان ثم يخرج. فسبحان اللطيف الحكيم.
(١) قوله: "ولا بعد خمسين سنة": وقيل ستين سنة، وقيل: خمسين في العجم وستين في العرب. وقيل بعد الخمسين إن صلح حيضًا فحيض، وإلا فلا.
وقيل: حيض مشكوكٌ فيه، تدع الصلاة والصوم، ثم تقضيهما للشك.
(٢) قوله: "ولا يمنع وطأها إن خاف العنت": هكذا قيَّده. في "الإقناع". قال