[١/ ٥٧](١) قوله: "ولا بأس بأخذ ما زاد على القبضة منها" وعبارة الإقناع: "ولا يكره أخذ ما زاد الخ " أقول: حاصل كلام المصنف كغيره أن حلقها، ومثله قصُّها كلها ونتفها ونحو ذلك، حرام، وأن السّنّة عدم أخذ شيء منها، وأن أخذ ما زاد على القبضة لا بأس به، ولا يكره، وأما أخذ ما دون قبضتِهِ بحيث لا يستأصلها فلم أجد أحدًا تعرّض له. إلا أني رأيتُ بعض الحنفية صرّح بالإجماع على عدم إباحته.
وكذا مفهوم نص الإمام أحمد. وعبارة "الإقناع" فليس دالًّا على التحريم ولا على الكراهة، بل هو محتملهما. وإنما يدل على عدم الإباحة فقط. وغالب أهل هذا الزمان يحلقون لحاهم، ومن لم يحلقها يقصها ويبالغ في قصّها، ويُعْفُون شواربهم حتى تسدَّ أفواههم، حتى رأيت بعض القضاة كذلك. وهل هذه إلا مضادّةٌ للشرع الشريف الذي أمر بإِحْفَاءِ الشوارب وإعفاء اللحى. فلا حول ولا قوة إلا بالله العليّ العظيم. (٢) قوله: "فيعايا بها" أي يقال: في أي موضع تكون السنّة أفضل من الواجب؟ فيقال: هنا. وكذا إنظار المعسر واجب وإبراؤه مندوب، وهو أفضل. وكذا ردّ السلام واجب وابتداؤه سنة، وهو أفضل. فيكون هذا ونحوه مستثنًى من قاعدةإ "الفرض أفضل من النّفل". وقد يقال: لا استثناء في الحقيقة، لاختلاف جهة الأفضلية. بيان ذلك أن الختان قبل البلوغ يساوي ما بعده في امتثال الأمر وسقوط الواجب به، ويزيد فضيلة المتقدم وغيره. وكذا إنظار المعسر واجب لدفع أذاه بالمطالبة، ففي إبرائِه وجود ذلك، وزيادة إسقاط الدين عنه بالكليّة. ففيه فضيلة الإسقاط. وكذا ردّ السلام واجب لما يلزم على تركه من العداوة والتباغض، فهو مطلوب للتّوادّ بين المسلمين، وهو حاصل بابتدائه ويزيد فضيلة المتقدم. فقد فَضَل النّفلُ الفرضَ لا من جهة الفرضية، بل من جهةٍ أخرى. وإلا فإنا إذا حكمنا على ماهيّةٍ بأنها خير من ماهيّةٍ أخرى، كالرجل خير من المرأة، لم يمكن أن تفضلها الأخرى بشيء من تلك الحيثيّة، فالرجل من حيث إنه رجل لم يمكن أن تفضلَهُ المرأة من حيث إنها غير الرجل، دالاّ تتكاذبِ القضيتان. وهذا بديهي. نعم قد