للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

كتاب الفرائض [٢/ ٥٣]

(١) قوله: "يذكر فيه جُل أحكام الفرائض": أي معظمها. والأولى أن يقول: نبذة من أحكام الفرائض، لأن المذكور في هذا الكتاب ليس معظم أحكام الفرائض. نعم فيه معظم قواعدها، وهو المراد.

فائدة: السبب في مشروعية الفرائض ما روي أن أوس بن الصامت خلَّف زوجته أم كُجَّة وثلاث بنات. فزوى عمّاه (١) سُوَيْد وعُرْفُطة ميراثَه عنهن، على عادة الجاهلية، فإنهم كانوا لا يورّثون النساء ولا الأطفال، ويقولون: إنما يرث من يحارب ويذب عن الحَوْزة. فجاءت أمّ كجة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فشكت إليه، فقال: ارجعي حتى انظر ما يحدث الله. فنزلت {للرجال نصيب} الآية [النساء: ٩]، فبعث إليهما: لا تفرقا من مال أوسٍ شيئاً فإن الله قد جعل لهن نصيبًا ولم يبيّن، حتى يبتن، فنزلت {يوصيكم الله في أولادكم الآية} (٢). [النساء: ١١].

وقيل إن امرأة سعد بن الربيع جاءت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بابنتيها من سعد، فقالت: "يا رسول الله، هاتان ابنتا سعد، قُتِل أبوهما معك يوم أحُد شهيدًا، وإن عمّهما أخذ مالهما، ولا ينكحان إلا ولهما مال" (٣) فنزلت آية المواريث.

ولا مانع مع صحة الحديثين من كون الآية نزلت في شأن المرأتين. والله سبحانه وتعالى أعلم.


(١) قوله: "عمّاه" كذا في الأصل، وفي ض: "ابن عمر" وهو خطأ. وفي تفسير القرطبي (٥/ ٤٦): "ابنا عمّه".
(٢) ذكر الحديث القرطبي في تفسيره (٥/ ٤٦) بأوفى مما هنا، ولم يذكر مخرجه. على أنه مشكل لأن المعروف أن أوس بن الصامت مات في خلافة عثمان رضي الله عنهما. وفي بعض الروايات أن المتوفي كان أخا حسّان بن ثابت. فالله أعلم.
(٣) الحديث هنا مذكرر بالمعنى. وقد أخرجه بأتمّ مما هنا أبو داود (٢٨٩٢) والترمذي (٢/ ١١) كلاهما من حديث جابر. وهو حديث حسن (الإرواء ٦/ ١٢٢) وفي تفسير القرطبي (٥/ ٥٧) قال الترمذي: صحيح.