للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[٢/ ٣٦١] صاحب المنتهى في شرحه عليه، وإن كان ظاهر كلامهم خلافه.

أقول: ثم رأيته صرح في الإقناع باستثناء حد القذف في عدم صحة رجوعه عن الإقرار به، فلله الحمد.

فائدة: تجب التوبة من القذف والغيبة وغيرهما. ولا يشترط لصحتها من ذلك إعلامه، ولأن في ذلك، أي إعلامه، دخول غ {مَ عليه وزيادة إيذاء. وقال القاضي والشيخ عبد القادر (١): يحرم إعلامه، فإن سأله المقذوف ونحوه لم يجب على القاذف ونحوه الاعتراف، على الصحيح من الروايتين، كما قاله الشيخ. وقال: فيعرِّض له ولو مع استحلافه، لصحة توبته، وأما مع عدم التوبة والإحسان فتعريضه كذب، ويمينه غموس. قال: واختيار أصحابنا: لا يُعْلِمُه، بل يدعو له في مقابلة مظلمته. قال: ومن هذا الباب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -:"أيما مسلم شتمته أو سببته فاجعل ذلك له صلاة وزكاة وقربة تقرِّبه بها إليك يوم القيامة" (٢). فلو أعلمه بما فعل، ولم يبينه، فحلله، فهو كإبراء من مجهول. وفي الغنية: لا يكفي الاستحلال المبهم، فإن تعذر فيكثر الحسنات. اهـ. ملخصًا من الإقناع.

[فصل فيما يسقط به حد القذف]

(١) قوله: "لشبهه به": وكذا لو رآها تزني في طهر لم يصبها فيه، واعتزلها، وأتت بولد لستة أشهر فأكثر، فيلزمه قذفها ونفيه. وإن أتت امرأة شخص بولد


(١) هو الشيخ عبد القادر بن أبي صالح، أبو محمد الجيلي، أو: الجيلاني، الحنبلي البغدادي (٤٧٠ - ٥٦١ هـ) الفقيه الواعظ الزاهد، تفقه بأبي سعيد المخرمي الحنبلي، وخَلَفه في مدرسته. له كتاب "الغُنية لطالبي طريق الحق"، و"فتوح الغيب" قال ابن كثير: فيهما أشياء حسنة، وذكر فيهما أحاديث ضعيفةً وموضوعة، وكان صالحًا ورعًا، وللناس فيه مغالاة (البداية والنهاية ١٢/ ٢٥٢).
(٢) الحديث من رواية أبي هريرة مرفوعًا، وأوله: "اللهم إني أتخذ عندك عهدًا لن تخلفنيه، فإنما أنا بشر، فأيما مؤمنِ آذيتُهُ أو شتمتُه أو جلدتُه أو لعنتُه، فاجعله ... الحديث" أخرجه مسلم (كتاب البر والصلة، ب ٩١، ٩٣) وأحمد (٢/ ٣١٦ و ٣/ ٤٤).