وهل لا بد من اتصاف من تقبل شهادته بجميع الأوصاف المذكورة، وهي حسن الخلق والمجاورة والسخاء وبذل الجاه، أو يكفي واحدة منها؟ وقد يقال: هي متلازمة غالبًا قلَّ من يوجد سخيًا إلا وهو متصف بجميع ذلك.
(١٢) قوله: "وتاب الفاسق": فتوبة القاذف بتكذيب نفسه ولو صادقًا (١)؛ وتوبة غيره ندم وإقلاع، وعزم على أن لا يعود. وتوبة من ترك واجبًا بفعله، ومن قصاصٍ وحد قذفٍ ببذلِ نفسه للمستحق. ويعتبر ردُّ مظلمةٍ فُسِّق بترك ردّها كمغصوب ونحوه، أو يستحلّه، والتوبة من الباع الرجوع عنها.
ولا يشترط لصحة التوبة من قذفٍ وغيبةٍ ونحوها إعلام المقذوف أو المغتاب ونحوهما. وأذا استحلّه يأتي بلفظٍ مبهم، لصحة البراءة من المجهول.
ومن أخذ بالرخص، أي تتبَّعها من المذاهب فعمل بها، فُسِّق، نصًّا. وذكره ابن عبد البر إجماعًا. وذكر القاضي: غير متأول ولا مقلد.
والأشهر عدم وجوب التمذهب بمذهب، والامتناع من الانتقال إلى غيره.
ومن أوجب تقليد إمام بعينه استتيب، فإن تاب وإلا قتل. وإن قال: ينبغي، كان جاهلاً ضالاًّ. قاله الشيخ. ومن أتى قرعًا فقهيًّا مختلفًا فيه، فإن اعتقد تحريمه ردت شهادته، وإن تأول أو قلّد من يقول بحلِّه فلا ترد. وأدخل القاضي وغيره الفقهاء في أهل الأهواء وأخرجهم ابن عقيل وغيوه. وهو المعروف عند العلماء.
ذكره ابن مفلح في أصوله. نقله عنه في الإقناع.
(١٣) قوله: "قبلت الشهادة بمجرد ذلك". لكن لو شهد الفاسق فردت شهادته، ثم تاب وأعاد تلك الشهادة بعينها، لم تقبل، للتهمة. وظاهر هذا أنه إن تاب بالمجلسى قبل أدائها، ثم أداها، تقبل. فليحرر.
(١٤) قوله: "فتقبل شهادة حجّام إلخ": أي لحاجة الناس إلى هذه الصنائع، لأن كل أحد لا يليها بنفسه، فلو ردت بها الشهادة أفضى إلى ترك الناس لها، فيشق ذلك عليهم.