للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وتكرر هذا السماع في كل جزء من أجزائها مع اختلاف اليوم والشهر الذي سمع فيه، لكنها كلها في السنة نفسها (٥٩٦ هـ)!

ثم قوي الشك حينما رأيت على ورقة منها: "عبد القادر بن عبد الله الرهاوي، قرأ جميع هذا الكتاب على أبي زرعة المقدسي بهمذان، واستنسخه لدار الحديث المظفرية بالموصل، داعيًا لواقفه بخير الدنيا والآخرة، وعارض به"!

لكنه بخط غير خط كاتب النسخة قطعًا لرداءته، وجودة وحسن خط النسخة! فأخذت السماعات، وأعدت النظر فيها - تأملًا وتدقيقًا -، فعثرت على نصٍّ قد يكون موضحًا للنص السابق وهو: "عبد القادر بن عبد الله الرهاوي، قرأ جميع هذا الكتاب على أبي زرعة المقدسي بهمذان من نسخة الكيا شيرويه بن شهردار الحافظ (١) وانتسخ نسخة لدار الحديث المظفرية بالموصل، وعارض بها، داعيًا لواقفه بخير الدارين".

فقوله: "وانتسخ نسخة لدار الحديث المظفرية بالموصل، وعارض بها، داعيًا لواقفه بخير الدارين": دليل على أن النسخة التي كتبها الحافظ الرهاوي غير هذه النسخة! وزادني اطمئنانًا: أني رأيت في ترجمة عبد القادر الرهاوي من "النبلاء" للذهبي قوله: "وكان رديء الكتابة، لم يتقن وضع الخط"! ورأيت على طرة بعض الأجزاء: "سماع لعبد الله بن أحمد بن محمد ابن قدامة المقدسي منه (٢) - نفعه الله تعالى - وهو كتبه بخطه، وعارض به ببغداد - عفا الله عنه، ورحمه ووالديه، والمسلمين -" و "بلغت وأنا محمد بن جامع (٣) ومعي ابني على صاحبه الإمام موفق الدين، بقراءة الحسن البكري (٤)، وعارضت بنسختي، ولله الحمد".

فملت إلى أن ابن قدامة هو ناسخها ومالكها (٥)، وأنه عارض نسخته بنسخة الرهاوي أيضًا، وأن الخط الرديء هو خط الرهاوي أو ألحق النساخ تلك السماعات بنسخة ابن قدامة وخصوصًا أن نسخة ابن قدامة منسوخة قبل تلك السماعات والله أعلم.

وعذرًا على هذا الاسترسال الذي يقتضيه البحث العلمي في بيان التوصل إلى ناسخها ما أمكننا إلى ذلك سبيلًا (٦)، وإلا فالنسخة - أيًّا كان ناسخها - في غاية الإتقان، تداولها الحفاظ سماعًا وقراءةً ومعارضةً، ويظهر هذا في نهاية كل جزء من أجزائها، حيث يذكر فيه من سمعها على ابن قدامة، وتاريخ السماع، ومن قرأها وعارضها من الحفاظ وأجاز بها.


(١) وهو الديلمي.
(٢) أي: من أبي زرعة طاهر بن محمد المقدسي.
(٣) وهو أبو المعالي.
(٤) وهو صدر الدين أبو علي الحسن بن محمد بن محمد البكري.
(٥) وإلا فنسخة الرهاوي أوقفها على دار الحديث المظفرية بالموصل، فمحال أن يتملكها ابن قدامة وهي وقف.
(٦) ثم وقفت في النسخة التركية في الجزء الثاني منها، وقد وقع فيه خرم جبره الناسخ من نسخة ابن قدامة، وقد نص في هذا الجزء بأن ابن قدامة هو الذي نسخها.

<<  <   >  >>