(الجنون) بأن أفاق المجنون وأحرم إن لم يكن محرمًا (و) زال (الصبا): بأن بلغ الصغير، وهو محرم (في الحج) وهو (بعرفة) قبل الدفع منها، أو بعده إن عاد فوقف في وقته، ولم يكن سعى بعد طواف القدوم (وفي) أي: أو وجد ذلك في إحرام (العمرة قبل طوافها: صح) أي: الحج والعمرة فيما ذكر (فرضًا) فتُجزئه عن حجة الإسلام وعمرته، ويُعتدُّ بإحرام ووقوف موجودين إذًا، وما قبله تطوع لم ينقلب فرضًا، فإن كان الصغير أو القن سعى بعد طواف القدوم قبل الوقوف: لم يُجزئه
الفارق من باب:"مفهوم الموافقة"، فإن قلتَ: لمَ شُرع هذا؟ قلتُ: للمصلحة: حيث إن القيام بهما مباشرة وبغيرهما من التكاليف الشرعية أحوط للدِّين، وأحزم للعمل، فقد تعرض للإنسان العوارض من فقر، ومرض، وخوف، فدفعًا لذلك: شرع ذلك، فإن قلتَ: إنهما واجبان على التراخي؛ حيث إنهما من الواجبات الموسَّعة، فلا يأثم من أخَّرهما وهو قول أكثر الشافعية؛ للسنة الفعلية؛ حيث إنه ﷺ لم يحج إلا في السنة العاشرة مع أنه مفروض في السنة التاسعة، وهذا يلزم منه: أنه واجب على التراخي قلتُ: يُحتمل أنه أخره لمرض، أو فقر، أو كراهيته رؤية المشركين عراة حول الكعبة فبعث أبا بكر ينادي:"أن لا يحج بعد هذا العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان"، أو أخَّره لاستقباله الوفود الكثيرة في السنة التاسعة لذلك سُمِّيت:"سنة الوفود" أو أخره لأجل أن تكون حجته حجة الوداع في السنة التي استدار فيها الزمان كهيئة يوم خلق الله السموات والأرض، ولتصادف وقفة عرفة يوم الجمعة، ويُكمِّل بذلك دينه، وإذا تطرق الاحتمال إلى الدليل بطل به الاستدلال، فإن قلتَ: ما سبب الخلاف هنا؟ قلتُ: سببه: "تعارض السنة الفعلية مع السنة القولية" فعندنا: يُعمل بالقولية؛ نظرًا لضعف الفعلية بسبب كثرة تطرق الاحتمالات إليها، وعندهم: يُعمل بالفعلية؛ لقوتها عندهم.