وهو: الرمي بزنا، أو لواط (١)، (٢)(إذا قذف المكلَّف) المختار، ولو أخرس
باب حد القَذْف
وفيه خمس عشرة مسألة:
(١) مسألة: القذف لغة: الرمي بقوة بحجر، ومنه قولهم:"قذفته بحجر": أيك رميته، وهو في الاصطلاح:"أن يرمي شخص شخصًا آخر بالزنا، أو اللواط، أو يشهد عليه بأحدهما ولم تكمل شهادته"، وبين تعريفه لغة واصطلاحًا تناسب وتشابه؛ حيث إن الرمي بالحجارة والرمي بالمكاره يُؤثّران في المرمى بهما؛ لوجود الأذى في كل منهما؛ وأذية القول أعظم من أذية الفعل أحيانًا.
(٢) مسألة: القذف محرَّم، وهو من الكبائر الموبقات، للإجماع؛ حيث أجمع العلماء على ذلك ومستند ذلك قاعدتان: الأولى: الكتاب؛ حيث قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾ وقال: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ حيث حرم القذف وهو الرمي بالزنا؛ لأنَّه توعَّد فعله بالعقاب، ولا يتوعَّد بذلك إلّا من فعل حرامًا واللواط كالزنا في ذلك؛ الثانية: السنة القولية؛ حيث قال ﵇:"اجتنبوا السبع الموبقات" قالوا: وما هنَّ يا رسول الله؟ قال:"الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرّم الله، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولِّي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات" فحكم على هذه الأشياء السبعة - ومنها القذف - بأنها موبقات ومهلكات لصاحبها، فيلزم: تحريم كل واحد منها واللواط كالزنا، فإن قلتَ: لَمِ حُرِّم ذلك، ووجب حدّ القذف على من فعله؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن القذف بالزنا فيه إلحاق العار بالمقذوف، وتشويه سمعته، فدفعًا =