جائز بالإجماع؛ لقوله تعالى: ﴿وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ﴾ (١)(وهو) في اللغة: أخذ شيء وإعطاء شيء، قاله ابن هبيرة، مأخوذ من الباع؛ لأن كل واحد من المتبايعين يمدُّ
كتاب البيع
حقيقة البيع وحكمه، وشروط صحّته وموانعه وما يجوز وما لا يجوز منه
وفيه خمس وثمانون مسألة:
(١) مسألة: أجمع العلماء على جواز البيع إذا استكمل شروطه - كما سيأتي - ومستند هذا الإجماع قاعدتان: الأولى: الكتاب؛ حيث قال تعالى: ﴿وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ﴾ وقال: ﴿وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ﴾ وقال: ﴿إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ﴾ حيث لزم من تلك الآيات جواز البيع. الثانية: السنة القولية؛ حيث قال ﵇:"البيعان بالخيار ما لم يتفرّقا" وقال: "إن التجار يُبعثون يوم القيامة فجارًا إلا من برَّ وصدق"، الثالثة: الاستقراء؛ حيث ثبت بعد استقراء وتتبع أحوال النبي ﵇ وأحوال أصحابه أنهم كانوا يبيع بعضهم على بعض كل ما يقبل البيع من عقار ومنقول، فإن قلتَ: لِمَ جاز البيع؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن حياة الإنسان مع غيره تقتضي أن يأخذ منه بعض الأشياء ويُعطيها إياه؛ لضرورة المعايشة، وهذا العطاء والأخذ أحيانًا يكون تملُّكًا أبديًا، وأحيانًا يكون إلى مدة معيَّنة، وأحيانًا يكون بعوض عيني، وأحيانًا يكون بدين، فنظَّم الشارع طريقة ذلك بشروط ومواصفات سيأتي ذكرها، فتصعب الحياة بدون ذلك، بل قد تؤدِّي إلى النزاعات والقتال، فنظَّم الشارع كتاب البيع: لحفظ حقوق الناس في العاجل والآجل، فإن قلتَ: لمَ جُعل كتاب البيع بعد كتاب العبادات؟ قلتُ: لأن العبادات ضرورة من ضرورات المسلم، فقُدِّم، ولا يُمكنه أن يتعبد الله بصورة كاملة إلا بنشاط وقوة، =