"العِشْرة" بكسر العين: الاجتماع يقال لكل جماعة: "عشرة، ومعشر" وهي هنا: ما يكون بين الزوجين من الألفة، والانضمام (١)(يلزم) كلًّا من (الزوجين العشرة) أي: معاشرة الآخر (بالمعروف) فلا يمطله بحقه، ولا يتكره لبذله، ولا يتبعه أذى ومنَّة؛ لقوله تعالى: ﴿وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾ وقوله: ﴿وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾ وينبغي إمساكها مع كراهته لها؛ لقوله تعالى: ﴿فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا﴾ قال ابن عباس: "ربما رُزق منها ولدًا فجعل الله فيه خيرًا كثيرا (ويحرم مطل كل واحد) من الزوجين (بما يلزمه لـ) الزوج (الآخر، والتكره لبذله) أي: بذل الواجب؛ لما تقدَّم (٢)(وإذا تم العقد: لزم تسليم).
باب عشرة النساء وأحكام المبيت والجماع وآدابه، والقسم بين الزوجات، والنشوز
وفيه ثمان وخمسون مسألة:
(١) مسألة: العشرة لغة: الاجتماع، ومنه قوله ﷺ: "يا معشر قريش" والمراد: جماعتهم، وكل اثنين - أو جماعة - اجتمعا وتخالطا يُقال: إنهما تعاشرا، والمراد بـ "عشرة النساء" هنا ما يكون بين الزوجين من الائتلاف، والاجتماع، والانضمام، وأحكام معاملة كل واحد منهما للآخر، والمقصود: أحكام عشرة الزوجة لزوجها ومعاملتها، له وعشرة الزوج لزوجته ومعاملته لها وكيفية ذلك.
(٢) مسألة: يجب على كل من الزوجين أن يعاشر الآخر بالمعروف، فلا يماطله إذا كان له حق ولا يُظهر له الكراهة إن كره منه شيئًا، وعليه أن يحسن إلى زوجته إذا كبرت، وعليها أن تحسن إلى زوجها إذا كبر، وينفق الزوج عليها على حسب قدرته، وعلى كل واحد منهما أن يجلس مع الآخر ببشر وطلاقة، ولا يُتبع كل واحد منهما الآخر منًّا ولا أذى فيما يفعله له، وعلى كل واحد منهما الرفق =