وهو: فعل مجني عليه، أو فعل وليه بجان مثل ما فعله أو شبهه (يُشترط له) أي: استيفاء القصاص (ثلاثة شروط (١): أحدها: كون مستحقه مكلَّفًا) أي: بالغًا عاقلًا، (فإن كان) مستحق القصاص، أو بعض مستحقه (صبيًا، أو مجنونًا: لم يستوفه) لهما أب، ولا وصي، ولا حاكم؛ لأن القصاص ثبت لما فيه من التشفِّي، والانتقام، ولا يحصل ذلك لمستحقه باستيفاء غيره (وحبس الجاني) مع صغر مستحقه
باب استيفاء القصاص
وفيه سبع عشرة مسألة:
(١) مسألة: المراد بـ "استيفاء القصاص": أن يفعل المجني عليه مثل ما فعله الجاني به أو شبهه - إن كانت الجناية على ما دون النفس كقطع بيد أو رجل أو قلع عين ونحوها -، أو يفعل ولي المقتول مثل ما فعله الجاني أو شبهه بالمقتول - إن كانت الجناية على النفس -، فمثلًا: لو كان القاتل: قد قطع أطراف شخص قبل قتله: فإن ولي هذا الشخص المقتول يقطع أطراف هذا القاتل، ثم يقتله تمامًا كما فعل بالمقتول - وسيأتي بيانه - فإن قلتَ: لِمَ شُرع هذا؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن أولياء المقتول يجدون في أنفسهم ذلَّة بسبب قتل ذلك الشخص لصاحبهم، وعدوانه عليه، وهذا في العادة والعرف، ويجدون غيظًا، فشرع لهم الاستيفاء للقصاص من قاتل صاحبهم بالطريقة التي أذاق بها صاحبهم؛ لإعادة مكانتهم، وإعزازهم، ولدرك الغيظ الذي وجدوه، وهذا قد لا يحس به إلا من مرَّ عليه، وذاق أنواعًا من الظلم، ولا يكفي في ذلك أخذ الدية عند أكثرهم، وهذا فيه مصالح عظيمة، ودفع لمفاسد لا تحصى، إذ سيمتنع كل من حدَّثته نفسه أن يقتل أحدًا، أو يعتدي على أحد، ومن تمام محاسن الشريعة: أنها لم تطلق استيفاء القصاص، بل قيّدته بشروط سيأتي ذكرها؛ لئلا يُظلم الجاني أيضًا.