للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

باب حدِّ المسكِر

أي: الذي ينشأ عنه السكر، وهو: اختلاط العقل (١)، (٢) (كل شراب أسكر كثيره فقليله حرام، وهو خمر من أي شيء كان)؛ لقوله : "كل

باب حدِّ المسكر

وفيه ثلاث عشرة مسألة:

(١) مسألة: المسكر: هو: "الذي يتسبَّب في اختلاط العقل بحيث يجعله يختلط في كلامه، ويستوي عنده الحسن والقبيح غالبًا، فإن قلتَ: لِمَ سُمِّي بهذا الاسم؟ قلتُ: لأنَّه يُسكّر العقل ويسدُّه عن إدراك حقائق الأمور، مأخوذ من قولهم: "سكّرتُ الباب" إذا أغلقته فإن قلتَ: لَمِ سُمِّي خمرًا؟ قلتُ: لأن كل ما يُخامر العقل، ويستره ويغطيه ويجعله غير مدرك لحقائق الأمور يُسمَّى خمرًا لذلك يُسمَّى الشيء الذي تغطي المرأة به رأسها "خِمارًا".

(٢) مسألة: شرب الخمر، وأي مُسكر حرام؛ للإجماع، ومستنده قاعدتان: الأولى: الكتاب؛ حيث قال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ والنهي هنا مطلق، وهو يقتضي التحريم، الثانية: السنة القولية؛ حيث قال : "كل مسكر خمر، وكل خمر حرام" وقال: "لعن الله الخمر وشاربها، وساقيها، وبائعها، ومبتاعها، وعاصرها ومعتصرها، وحاملها والمحمولة إليه"، واللعن عقاب، ولا يُعاقب إلّا على فعل محرم، فإن قلتَ: لَم حُرِّم الخمر، وحُدَّ شاربه؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن الخمر، وجميع المسكرات أَم الخبائث، فمن شرب ذلك وتعاطاه: فإنه سيفعل كل منكر: من زنا، وقتل، وسرقة وغير ذلك، وسيُفسد المجتمع؛ فدفعًا لذلك حرّم، ووجبت على الشارب تلك العقوبة ردعًا له وزجرًا لأمثاله.

<<  <  ج: ص:  >  >>