يُقال: ذكى الشاة ونحوها تذكية، أي: ذبحها، فهي ذبح، أو نحر الحيوان المأكول البري بقطع حلقومه ومريئه، أو عقر ممتنع (١) و (لا يُباح شيء من الحيوان المقدور عليه بغير ذكاة)؛ لأن غير المذكى ميتة، وقال تعالى: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ﴾ (إلا الجراد والسمك، وكل ما لا يعيش إلّا في الماء) فيحل بدون ذكاة لحل ميتته؛ لحديث ابن عمر يرفعه:"أحل لنا ميتتان ودمان، فأما الميتتان: الحوت والجراد، وأما الدمان فالكبد والطحال" رواه أحمد وغيره (٢)، وما يعيش في البر والبحر
باب الذكاة والذبح الشرعي
وفيه ثلاث وثلاثون مسألة:
(١) مسألة: الذكاة لغة: تمام الشيء، وإدراكه، ومنه قوله تعالى: ﴿إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ﴾ أي: إلا ما أدركتم ذكاته، وهي في الاصطلاح قطع الحلقوم والمريء من الحيوان، أو عقر ما يمتنع منه بما يجرحه: سهم أو غيره، فإن قلت: لم سمي ذكاة مع أنَّه ذبح؟ قلتُ: لأن اسم "الذكاة" أعم من الذبح؛ لأن "الذكاة": ذبح وزيادة إتمامه، فإن قلت: لِمَ جُعل هذا الباب هنا؟ قلت: لمناسبته لما قبله؛ حيث سبق بيان أن الأصل في الحيوانات الحل، وهذا لا يتم إلا بذبح شرعي - ستأتي شروطه -.
(٢) مسألة: لا يجوز أكل أي شيء من الحيوانات مقدور على القبض عليه إلا بذكاته وذبحه ذبحًا شرعيًا - كما سيأتي بيانه - إلّا الجراد وكل ما لا يعيش إلا بالماء كالسمك ونحوه: فإن ذلك يجوز أكله بدون ذبح؛ لقاعدتين: الأولى: الكتاب؛ حيث قال تعالى: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ﴾ إلى قوله: ﴿إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ﴾ وإذا تلف الحيوان من غير تذكية وذبح شرعي فإنها ميتة فتكون حرامًا إلًا على المضطر - كما سبق بيانه - أما ما ذكي فيحل، عملًا بالتخصيص بالاستثناء، الثانية: السنة القولية؛ حيث قال ﵇ في ماء البحر -: "هو الطهور ماؤه الحلُّ ميتته" وقال: =