للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[باب العفو عن القصاص]

أجمع المسلمون على جوازه (يجب بـ) القتل (العمد القود، أو الدية، فيُخيَّر الولي بينهما)؛ لحديث أبي هريرة مرفوعًا: "من قُتل له قتيل: فهو بخير النظرين، إما أن يُؤدَّى، وإما أن يُقاد" رواه الجماعة إلا الترمذي (وعفوه) أي: عفو ولي القصاص (مجانًا) أي: من غير أن يأخذ شيئًا (أفضل)؛ لقوله تعالى: ﴿وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى﴾، ولحديث أبي هريرة مرفوعًا: "ما عفا رجل عن مظلمة إلا زاده الله بها عزًّا" رواه أحمد، ومسلم، والترمذي (١)،

باب العفو عن القصاص

وفيه عشر مسائل:

(١) مسألة: إذا قتل زيد عمرًا عمدًا عدوانًا: فإن ولي عمرو يُخيَّر: فإن شاء اقتص، وقتل زيدًا - قاتل عمرو - وإن شاء أخذ الدية، وإن شاء عفا عن القصاص والدية معًا، وهذا الأخير أفضل؛ لقاعدتين: الأولى: الكتاب؛ حيث قال تعالى: ﴿وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى﴾ وقال: ﴿وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ﴾ إلى قوله: ﴿فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ﴾: أي: كفارة للذي عفا بسبب صدقته، ففي هاتين الآيتين حثّ على العفو، وأن ما يقوى عليه إلا من اتّصف بالتقوى، التي هي أعظم صفة يتمناها كل مسلم؛ الثانية: السنة القولية؛ وهي من وجهين: أولهما: قوله : "من قُتل له قتيل، فهو بخير النظرين؛ إما أن يُؤدى وإما أن يُقاد" والمراد بـ "القتيل" هنا: القريب الذي كان حيًا، فصار قتيلًا بذلك القتل، والحديث صريح في تخيير ولي المقتول بين القصاص، والعفو، ثانيهما: قوله : "ما عفا رجل عن مظلمة إلا زاده الله بها عزًا"، والمرأة مثل الرجل؛ لعدم الفارق، فحثّ الشارع على العفو هنا، وجعل له هذه المكرمة - وهي العزَّة في الدنيا والآخرة - وهي فضيلة نتمنى أن نكون من أهلها: أنا، =

<<  <  ج: ص:  >  >>