للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم لا تعزير على جان (٢).

(فإن اختار) ولي الجناية (القَوَد، أو عفا عن الدية فقط) أي: دون القصاص: (فله أخذها) أي: أخذ الدية؛ لأن القصاص أعلى، فإذا اختاره: لم يمتنع عليه الانتقال إلى الأدنى (و) له (الصلح على أكثر منها) أي: من الدية، وله أن يقتص؛ لأنه لم يعف مطلقًا (٣)، (وإن اختارها) أي: (اختار الدية: فليس له غيرها، فإن قتله بعد:

= وجميع إخواني المسلمين العاملين بالإسلام بإخلاص، فإن قلتَ: لِمَ شُرع هذا؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن تخيير ولي المقتول بين "القصاص" و"الدية" فيه توسعة ورحمة وتخفيف لم يكن في الشرائع السابقة؛ حيث كان القصاص على اليهود واجبًا، وكانت الدية واجبة على النصارى، وشُرع العفو: لنشر التسامح بين المسلمين، والحثّ على التعاون والترابط بين أفراد المجتمع، فإن قلتَ: لِمَ كان العفو جائزًا بالإجماع؟ قلتُ: لأن العفو إذا كان أفضل من غيره، فيلزم أن يكون جائزًا؛ لأن الأفضل فعله: جواز وزيادة.

(٢) مسألة: إذا عفا ولي المجنى عليه - أو أولياؤه، وهم ورثته - عن قصاص الجاني: فإنه - أي: الجاني - يكون حرًا طليقًا، لا تعزير ولا تأديب عليه؛ للقياس؛ بيانه: كما أنه إذا عُفي عن الدية بالنسبة للقاتل خطأ: فإنه لا شيء عليه، فكذلك الحال هنا، والجامع: أن كلًا منهما عليه حق واحد وقد سقط، فلا يُطالب بشيء آخر.

(٣) مسألة: القصاص، أو الدية واجب على الجاني، وولي المجني عليه مخيَّر بينهما: إن شاء اقتصّ، وإن شاء أخذ الدية، فإذا عفا عن القصاص والقَوَد: فإن الدّية تتعيَّن، فيأخذها ولي المجني عليه وإن لم يرض ولي المجني عليه إلا بأكثر من الدية: فله ذلك، ويأخذ أكثر منها صلحًا بينه وبين الجاني؛ للتلازم؛ حيث إن القصاص أو الدية واجب مخيَّر فيلزم منه: أنه إذا اختار أحدهما لا بعينه: سقط الآخر، فيلزم من عفوه عن القصاص: وجوب الدية له؛ لأن إسقاط ما هو =

<<  <  ج: ص:  >  >>