هي الأوعية جمع "إناء"، لما ذكر الماء: ذكر ظرفه (١)(كل إناء طاهر) كالخشب والجلود، والصفر، والحديد (ولو) كان (ثمينًا) كجوهر، وزمرُّد (يُباح اتخاذه واستعماله) بلا كراهة (٢)، غير جلد آدمي وعظمه فيُحرَّم (٣)
باب الآنية التي تُحفظ فيها المياه
وفيه ثنتان وعشرون مسألة:
(١) مسألة: الآنية: جمع "إناء" وهو: جمع قِلَّة -وهو ما دون العشرة-، وجمع الكثرة:"أواني" وهي: الأوعية التي تحفظ فيها المياه، ومعنى الإناء لغة: هو منتهى الشيء، ومنه قوله تعالى ﴿عَيْنٍ آنِيَةٍ﴾ أي منتهى حدِّها، وقال: ﴿حَمِيمٍ آن﴾ أي: منتهى الحرارة، فإن قلتَ: لِمَ ذكر باب "الإناء" بعد المياه؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن ذكر ذلك هنا مناسب؛ لكون الماء سريع الجريان فيلزم أن يُحفظ بالإناء، ثم إنه يُعلم بواسطة الإناء الماء الكثير والقليل، ثم إن الإناء ينزح به الماء النجس، ويكاثر بواسطته، وفيه ما هو طاهر، وما هو نجس، وبعضها يمكن تطهيره، وبعضها لا يمكن تطهيره، فتبين أن ذكره هنا أنسب من ذكره في باب "الأطعمة والأشربة"، كما فعل بعض الفقهاء.
(٢) مسألة: جميع الأواني الطاهرة -غير آنية الذهب والفضة- يُباح اتخاذها واستعمالها بلا كراهة، وهذا مطلق، أي: تستعمل للأكل والشرب، والبيع والشراء، والزينة: سواء كانت ثمينة كالأواني المصنوعة من الجواهر والزمُّرد، أو غير ثمينة كالأواني المصنوعة من الخشب والجلود، ونحوه؛ للاستصحاب، حيث إن الأصل في الأواني الإباحة إلا ما ورد دليل على المنع منه -ولم يرد المنع إلا عن أشياء سيأتي ذكرها- فيبقى ما عداها على الأصل، فإن قلتَ: لِمَ أبيح ذلك؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن ذلك فيه توسعة وتيسير على الناس.
(٣) مسألة: يحرم جعل جلد وعظم وشعر الآدمي آنية؛ للكتاب؛ حيث قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ﴾ حيث دلَّ مفهوم الصفة منه على تحريم فعل أي شيء =