للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[باب الموصى إليه]

لا بأس بالدخول في الوصية لمن قوي، ووثق من نفسه؛ لفعل الصحابة (١) ....................................................

باب الموصى إليه - وهو الوصي وهو المتصرف بالوصية -

وفيه أربع وعشرون مسألة:

(١) مسألة: يستحب أن يتولَّى المسلم التصرُّف في المال الموصى به وغيره مما كان الموصى يتصرَّف فيه حال حياته، بشرط: أن يكون قويًا على القيام بذلك، وأن يثق من نفسه في ذلك، أما إن لم يكن كذلك: فيحرم عليه أن يتولاها؛ لقواعد: الأولى: الكتاب؛ حيث قال تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى﴾ وهذا عام؛ لأن "البر" و "التقوى" اسم جنس معرف بأل، وهو من صيغ العموم، فيشمل ما نحن فيه؛ حيث إن هذا فيه إعانة المسلم على تدبير شؤونه بعد الموت، الثانية: فعل الصحابي؛ حيث إن عمر قد أوصى إلى حفصة تدبير شؤون وصيته، ثم الأكابر من ولده، وأوصى أبو عبيدة عمر، وأوصى بعض الصحابة الزبير في تدبير شؤون وصاياهم، الثالثة: المصلحة؛ حيث إن ذلك فيه جلب مصلحة للموصي، ولو كان الدخول فيها محرمًا أو مكروهًا لأفضي ذلك إلى تعطيل الوصايا وتعريضها للضياع، فإن قلتَ: إن ترك الدخول فيها، وتدبير شؤونها أولى، وهو قول كثير من العلماء، ومنهم ابن قدامة لقاعدتين؛ الأولى: السنة القولية؛ حيث قال لأبي ذر: "يا أبا ذر إنى أراك ضعيفًا، لا تأمرن على اثنين، ولا تولين مال يتيم" فقد نهى الرسول أن يتدخل في الإمارة، والولاية، وتدبير شؤون الوصية من الولاية الثانية: المصلحة؛ حيث إن الدخول في الوصية وتدبير شؤونها فيه خطر على الدين بسبب انشغاله بها عنه وللاحتياط للدين يكون ترك ذلك أولى. قلتُ: أما حديث أبي ذر: فقد نهاه عن ذلك؛ لعلمه أن أبا ذر فيه ضعف - كما نص عليه الحديث - وهذا مخالف للشرط الذي ذكرناه؛ إذ من كان=

<<  <  ج: ص:  >  >>