شُرِعت لأجل التواصل والتوادد، وعدم التقاطع (تلزم الرجال) الأحرار القادرين، ولو سفرًا في شدة خوف (للصلوات الخمس) المؤدَّاة، وجوب عين؛ لقوله تعالى: ﴿وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ﴾ الآية، فأمر بالجماعة حال الخوف، ففي غيره أولى، ولحديث أبي هريرة ﵁ المتفق عليه:"أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء والفجر، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوًا، ولقد هممتُ أن آمر بالصلاة فتُقام، ثم آمر رجلًا فيصلي بالناس، ثم أنطلق معي برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم بالنار"(١)(لا شرط) أي: ليست الجماعة شرطًا لصحة الصلاة، فتصح
باب صلاة الجماعة وأحكام الإمام والمأموم، والاقتداء والأعذار
وفيه مائة وسبع وثلاثون مسألة:
(١) مسألة: صلاة الجماعة واجبة في الصلوات الخمس المؤدَّاة في أوقاتها على الرجال الأحرار القادرين؛ للسنة القولية؛ حيث قال ﷺ:"ما من ثلاثة في قوم، أو بدو لا تقام فيهم الصلاة إلى قد استحوذ عليهم الشيطان، عليك بالجماعة، فإنما يأخذ الذئب القاصية من الغنم" فأوجب صلاة الجماعة؛ لأن ذلك هو اللازم من استحواذ الشيطان؛ حيث إنه عقاب، ولا عقاب إلا على ترك واجب، فإن قلتَ: لِمَ وجبت؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن الصلاة مع الجماعة فيه مصالح منها: التواصل والتعارف بين الناس والتوادد بينهم، والاجتماع على الحق، وقضاء الحاجات، وعيادة المرضى، وتشييع الجنائز، وفي ذلك تعليم الجاهل أحكام الشريعة، وتنشيط الكسلان على العبادة، فإن قلتَ: لِمَ وجبت على الرجال الأحرار القادرين؟ قلتُ: للمصلحة حيث إن خروج النساء فيه تعرض للفتنة، وكذا الخنثى؛ لاحتمال أن يكون أنثى،=