والصبي والمجنون لا تجب عليهما الصلاة أصلًا، والعبيد قد اشتراهم السيد لخدمته فلو وجبت عليهم الجماعة: لتضرَّر السيَّد، وغير القادرين قد سقطت عنهم؛ لعجزهم؛ لأن الواجب يسقط بالعجز عنه، تنبيه: استلال المصنف بالآية لا يصح؛ لأن الآية سيقت لتعليم صلاة الخوف عند ملاقاة العدو؛ لأن ذلك أبلغ في حراستهم؛ لأنَّه لو صلى كل واحد منفردًا لانشغل كل واحد بنفسه، ولو صلوا جماعة: فكذلك وفي الحالين: يغلبهم العدو، فأمر الشارع أن ينقسموا إلى فريقين فلم يكن في الآية دليل على وجوب الجماعة كما قال الماوردي في الحاوي (٢/ ٣٠١)، أو سيقت لبيان أن الصلاة نفسها لا تسقط بالسفر أو الخوف كما قال القرطبي في تفسيره (٣/ ٢٢٣) و (٥/ ٣١٤)، تنبيه آخر: استدلال المصنف بحديث أبي هريرة ﵁ وهو: "الهمُّ بالتحريق"، أو حديث ابن مسعود ﵁:"رأيتنا وما يتخلَّف عنها إلا منافق" لا يصح من وجهين: أولهما: أنهُ يقصد في الحديثين: الذين يتخلَّفون عنها ولا يُصلُّونها مع الجماعة ولا فرادى وهذا قول الشافعي، يؤيده وصفهم بالنفاق، والمنافق هو من حبط عمله، والمصلي في بيته تصح صلاته - كما سيأتي - ويؤيده أيضًا: سياق هذا الحديث، ثانيهما: أنه همَّ بالإحراق ولم يفعل، ولو كان تاركو الجماعة منافقين فعلًا: لفعل وأحرقهم، فإن قلتَ: لو لم يجز تحريقهم لما همَّ به؟ قلتُ: يُحتمل أنه قد ذكره ذلك بيانًا لفضل صلاة الجماعة، ويُحتمل: أنه اجتهد بهذا وهمَّ بالتحريق، ولكن الله منعه منه، أو أنه تغيَّر هذا الاجتهاد منه، وهذا بناء على جواز الاجتهاد للنبي ﷺ، ذكره النووي في "المجموع"(٤/ ١٩٢)، وإذا تطرق الاحتمال إلى الدليل بطل به الاستدلال، تنبيه ثالث: قوله: "ولو سفرًا في شدة خوف" قلتُ: هذا لا يُسلِّم؛ لأن السفر والخوف من الأعذار المسقطة لصلاة الجماعة والجمعة كما سيأتي.