للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صلاة المنفرد بلا عذر، وفي صلاته فضل، وصلاة الجماعة أفضل بسبع وعشرين درجة؛ لحديث ابن عمر المتفق عليه، (٢) وتنعقد

(٢) مسألة: صلاة الجماعة ليست شرطًا لصحة الصلاة، فتصح صلاة المنفرد بلا عذر، والمراد: إن صلاته مع الجماعة تفضل عن صلاته منفردًا بسبع وعشرين درجة، أو بخمس وعشرين درجة؛ لقاعدتين: الأولى: السنة القولية؛ حيث قال : "صلاة الجماعة تفضل على صلاة أحدكم وحده بسبع وعشرين درجة" وفي رواية: "بخمس وعشرين"، ويلزم من لفظ "تفضل" أن كلًا من صلاة الشخص وحده وصلاته مع الجماعة صحيحتان فاضلتان إلا أن صلاته مع الجماعة أفضل بذلك المقدار من الدرجات، وقال: "صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده" والمراد: أفضل، الثانية: السنة التقريرية؛ حيث إنه قد رأى رجلين لم يصليا معه، فقال لهما: لِمَ لم تصليا معنا؟ فقالا: صلَّينا في رحالنا - أي منازلنا - فقال: "إن أحدكم إذا صلى في رحله ثم أتى جماعة فليصل معهم فإنها له نافلة"، فلم يُنكر عليهما صلاة كل واحد منهما في رحله ومنزله، فلو كانت صلاة كل واحد منهما في منزله غير صحيحة أو فيها إثم لأنكر عليهما، ولبيَّن ذلك؛ لأنَّه لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة، ونظرًا لهذين الحديثين ذهب الجمهور - وهم الحنفية والمالكية وكثير من الشافعية - إلى أن صلاة الجماعة سنة مؤكدة وليست واجبة، فإن قلتَ: إن الجماعة شرط في صحة الصلاة، فلا تصح صلاة المنفرد بدون عذر وهو قول أكثر الظاهرية؛ للسنة القولية؛ حيث قال "لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد" فنفى صحة الصلاة إلا الجماعة، والتقدير: "لا صلاة صحيحة .. " قلتُ: إن هذا ضعيف فيه محمد بن سكين، وحديثه منكر، وهو مجهول كما نقله النووي في المجموع (٤/ ١٩٢) عن ابن أبي حاتم، وقد أخرجه البيهقي موقوفًا على علي ، وعلى فرض قوته: فإن المراد به: نفي الكمال، لا نفي الصحة، ومما يؤيد هذا التأويل: السنة القولية والتقريرية التي ذكرناهما، وكذا: الإجماع؛ حيث=

<<  <  ج: ص:  >  >>