مسكر خمر، وكل خمر حرام" رواه أحمد وأبو داود (٣)(ولا يباح شربه) أي: شرب
(٣) مسألة: كل شراب أسكر كثيره: فإن قليله حرام، ويُطلق على ذلك خمرًا من أي شيء صُنع: أي: سواء صُنع من عصير العنب النيء إذا اشتدّ وقذف زبده، أو طبخ أو كان من التمر، والزبيب، أو من الحنطة والشعير، أو كان من الذرة، أو الأرز، أو كان من المصنوعات الحديثة كالأفيون والبنج، والهيرويين، والحشيش، مطبوخًا أو لا مشروبًا أو مشمومًا، ومن فعل ذلك فإنه يحد بجد الخمر؛ لقاعدتين: الأولى: السنة القولية؛ حيث قال ﵇: "كل مسكر خمر، وكل خمر حرام" وقال: "ما أسكر كثيره فقليله حرام" وقال: "كل مسكر حرام، وما أسكر منه الفَرَق فملء الكف منه حرام" والمراد بـ "الفَرَق": مكيال يسع ستة عشر رطلًا، وهذه الأحاديث صريحة الدلالة على ما ذكرناه في أول المسألة، الثانية: قول الصحابي؛ حيث ثبت ذلك عن عمر، وعلي، وابن مسعود، وابن عمر، وأبي هريرة، وأنس، وعائشة، وأُبي بن كعب، وسعد بن أبي وقاص، فإن قلتَ: لَمِ شُرع هذا؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن ذلك فيه احتياط للدِّين، وبُعد عن الوقوع في المحرمات، فإن قلتَ: إن نبيذ التمر والزبيب إذا طبخ كل واحد منهما أدنى طبخ يحل إذا شرب بلا لهو ولا طرب، وكذلك: الخليطان من الزبيب والتمر، وكذلك نبيذ العسل والتين، والبر، والشعير يحل: سواء طبخ أو لا، بلا لهو ولا طرب، وكذلك الطلاء، أو المثلث العنبي وإن اشتدّ، وهو: ما طبخ من ماء العنب حتى ذهب ثلثاه، وبقي ثلثه يحل إذا شرب لقصد استمراء الطعام، والتداوي، والتقوي على طاعة الله بشرط: أن لا يسكر هذا رأي أبي حنيفة، وأبي يوسف؛ للتلازم؛ حيث يلزم من تحريم الخمر المشتد: جواز شرب ما سبق ذكره؛ إذ لا يوجد فيها معنى الخمرية التي حرمها بقوله: "حرمت الخمرة" لأنَّه لا شدَّة فيها قلتُ: إن مقصد الشارع هو: تحريم كل ما يُسكر، أو يكون مآله إلى السكر؛ سدًا للذرائع؛ حيث إن شارب هذه الأمور - التي يدَّعي بعضهم أنها=