ما يسكر كثيره (اللذَّة، ولا لتداو، ولا عطش، ولا غيره إلّا لدفع لقمة غصَّ بها، ولم يحضره غيره) أي: غير الخمر، وخاف تلفًا؛ لأنَّه مضطر (٤)، ويُقدَّم عليه بول،
تشرب بشرط: عدم وصولها إلى الإسكار - قد يسكر وهو لا يعلم، أو قد يُغش في ذلك أو نحو ذلك من الاحتمالات، فسدًا لذلك حرّم كل مسكر حقيقة أو ما يؤدي إليه كما أحلّ الشارع قتل خمس في الحل والحرم ـ وهي: العقرب، والحية والحدأة، والكلب الأسود، والفأرة - مقصوده قتل كل مؤذي للإنسان، وكل ما يغلب على الظن أنه مؤذ ولو آجلاً، فكذلك هنا، فإن قلتَ: ما سبب الخلاف هنا؟ قلتُ: سببه: "تعارض اللفظ مع المقصد الشرعي". تنبيه: الرأي المختار لجمهور الحنفية هو ما ذهب إليه الجمهور - وهو:"أن كل ما أسكر كثيره فقليله حرام".
(٤) مسألة: لا يجوز للمسلم أن يشرب شيئًا يسكر كثيره ليتلذذ به ولا لغير ذلك، فإن غصَّ بلقمة وخشي على نفسه الهلاك والتلف: فإنه يشرب منه ما يُذهب به تلك الغصة بشرط: عدم وجود غير الخمر عنده؛ للكتاب؛ حيث قال تعالى: ﴿فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ﴾ فرخَّص الشارع للمضطر ـ وهو المشرف للهلاك ـ أن يفعل أي شيء ينقذ حياته، وهو عام؛ لأن الشرط من صيغ العموم، فيشمل ما نحن فيه، فيشرب ما يُذهب عنه الغصة فقط، دون أن يزيد على ذلك، وهذا من الرخص الواجبة - كما بينتُ ذلك في كتابي:"الرخص الشرعية وإثباتها بالقياس" - فإن قلتَ: لَمِ شُرع هذا؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث رخَّص الشارع بإزالة الغصَّة بقدر من الخمر؛ للحفاظ على النفس، وهو مقدم على مصلحة عدم شربه، من باب: تعارض المفسدتين".
[فرع]: يجوز التداوي بشرب الخمر، ويجوز شربه للعطش، وهو قول أبي حنيفة، وكثير من الشافعية؛ للقياس؛ بيانه: كما تدفع الغصة بشرب الخمر ويجوز أكل الميتة للمضطر، فكذلك يجوز شرب بعض الخمر؛ للتداوي به وإزالة=