وعليهما ماء نجس (٥)(وإذا شربه) أي: المسكر (المسلم) أو شرب ما خلط به، ولم
العطش، والجامع: الاضطرار وخوف الهلاك في كل، فإن قلتَ: لا يجوز للمسلم أن يشرب شيئًا يسكر كثيره لأجل التداوي به، أو لإزالة العطش، وهو ما ذكره المصنف هنا؛ لقاعدتين: الأولى: السنة القولية؛ حيث قال ﵇:"إنه ليس بدواء ولكنه داء" فوصف الخمر بعدم صلاحيته لكونه دواء يُستشفى منه، بل هو داء فيلزم التحذير منه. الثانية: المصلحة؛ حيث إن شربه لا يزيل العطش، بل يزيده عطشًا، فحفاظًا عليه حُرِّم ذلك، قلتُ: أما السنة: فالمقصود منه: النهي عن شربه للتداوي به عن الأمراض الطارئة الخفيفة، أما إذا قال طبيب عدل بأن شفاءه بشرب قليل مما يسكر كثيره: فهذا يدخله ضمن المضطرين فيدخل في عموم قوله تعالى: ﴿فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ﴾ .. أما المصلحة: فنحن نوافق على شربه لقليل من الخمر الذي يُزيل العطش، أو مخلوط به بعض الماء، أما ما يزيد من عطشه فغير مقصود لأي أحد، فإن قلتَ: ما سبب الخلاف هنا؟ قلتُ: سببه: "تعارض القياس الذي ذكرناه مع السنة التي ذكروها" وأيضًا "تعارض القياس الذي ذكرناه مع المصلحة التي ذكروها" وأيضًا: "تعارض المصلحتين".
(٥) مسألة: إذا عطش شخص عطشًا شديدًا، أو مرض مرضًا شديدًا، أو غصَّ بلقمة، وخشي على نفسه الهلاك من ذلك، وعنده ماء نجس، وبول، وخمر: فإنه يشرب، ويداوي نفسه، ويُزيل اللقمة بالماء النجس، وإن لم يُوجد ماء نجس: فإنه يشرب، ويداوي نفسه، ويزيل اللقمة بالبول، فإن لم يكن عنده إلّا الخمر: فعل ذلك كله به؛ للتلازم؛ حيث يلزم من كون الماء النجس مطعومًا، أن يقدَّم على البول؛ لكون البول ليس مطعومًا، ويلزم من كون البول لا يُحدُّ من شربه: أن يقدَّم على الخمر؛ لأن الخمر يحدُّ على شربه، ويلزم من عدم وجود شيء غير الخمر عنده: أن يشربه، ويداوي نفسه، ويُزيل الغصة به؛ للحفاظ على نفسه من التلف، وهذا هو المقصد منه.