من غير وطء بأن تُدخل ماء الرجل في فرجها: إما بفعلها، أو بفعل غيرها، ولهذا تُصوّر حمل البكر، وهذا يلزم منه وجود احتمال وشبهة: فلا تُحد مع وجود ذلك؛ لأن الحدود تدرأ بالشبهات، ويلزم من خشية إشاعة الفاحشة عنها: عدم وجوب سؤالها عن سبب حملها قلتُ: إن الشبه التي تدرأ الحدود هي الشبه والاحتمالات القوية التي يمكن أن يُعتمد عليها في منع إقامة الحدّ، وما ذكرتموه من احتمالات حملها بدون شيء، أو بشيء لا تريد أن تُصرِّح به أو نحو ذلك من الاحتمالات: فهي ضعيفة جدًا لا يمكن لأي عاقل أن يعتمد عليها؛ سدًا للذرائع، ومنعًا للفساد والإفساد في الأرض؛ إذ لو قُبلت مثل تلك الاحتمالات التي لا يصدِّقها ولا يقبلها أحد عنده ذرَّة من التفكير: لانتشر الزنا، والسرقة، وجميع المعاصي، وفلت أصحابها من العقوبات بسبب تلك العلل الضعيفة، أو بسبب عدم سؤال الزانية عن فعلها، أما قولهم: إن سؤالها يشيع الفاحشة: فهذا لا يُسلَّم؛ لأن الذي سيسألها هو حاكم عادل كاتم للأسرار التي يطَّلع عليها، وهذا معروف عند الحكّام والقضاة، فإن قلتَ: ما سبب الخلاف هنا؟ قلتُ: سببه: "هل كل احتمال يُعتبر شبهة تدرأ الحد، أم يُشترط: أن يكون الاحتمال والشبهة فيهما من القوة ما يمكن بها منع الحد؟ فعندنا: الثاني، وعندهم الأول.
هذه آخر مسائل باب: "حد الزنا" ويليه باب "حد القذف".