= " أستأجرك على بناء جدار هنا أوصافه كذا وكذا" وعبارة: "بعوض معلوم" فيها اشتراط كون الأجرة معلومة المقدار، وهذا الشرط للقسمين، وهذا ثبت بالتلازم؛ حيث إنه بعد استقراء وتتبع النصوص والأدلة: لزم هذا التعريف - كما سيأتي بيان ذلك. (فرع): عقد الإجارة مشروع وصحيح عند جمهور العلماء المعتدّ بأقوالهم؛ لقواعد: الأولى: الكتاب؛ حيث قال تعالى: ﴿فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ﴾ فلو لم تصح الإجارة لما أُمر بذلك، فلازم العبارة يدلّ على الصحة، وقال تعالى: ﴿يَاأَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ﴾ وقال: ﴿لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا﴾ فيلزم صحّة الإجارة شرعًا؛ لأن شرع من قبلنا شرع لنا إذا لم يرد ما يخالفه في شرعنا. الثانية: للسنة القولية: حيث إنه "﵇ أمر أن تُكرى الأرض بذهب أو ورق" - كما رواه سعد بن أبي وقاص - وقال:"أعطوا الأجير أجره قبل أن يجفَّ عرقه" وهذا يلزم منه صحة الإجارة ومشروعيتها، الثالثة: السنة الفعلية؛ حيث إنه ﵇ وأبا بكر قد استأجرا رجلًا من بني الديل يوصلهما إلى المدينة" "وأنه ﵇ قد احتجم وأعطى الحجام أجره" فلزم من ذلك صحة الإجارة؛ إذ لو لم تصح لما فعله، فإن قلتَ: لِمَ شُرعت الإجارة؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن الحاجة تقتضي مشروعيتها؛ لكون الواحد يحتاج إلى السكنى والسفر، فليس كل واحد يملك دارًا يسكنها، أو راحلة يُسافر عليها، ولا يمكن أن يتطوّع بذلك أحد فيحتاج إلى استئجار ذلك، وكذلك مالك الدار قد يحتاج إلى بناء جدار ولا يستطيع فعله بنفسه، ولا يمكن أن يتطوَّع به أحد، فيحتاج إلى أن يستأجر أحدًا يقوم به، وبذلك يحصل تكافل المجتمع وقضاء كل واحد حاجة الآخر ولو كان بأجرة، فإن قلتَ: إن الإجارة لا تصح، وهو ما حكي عن الحسن البصري، وابن علية، وابن الأصم، والقاشاني والنهرواني؛ للمصلحة: حيث إن الإجارة بيع المنافع، والمنافع حال العقد معدومة القبض،=