= و"النَّهب" و"الاختلاس"، وأُتي بعبارة:"بغير حق"؛ لبيان أن من شرط الغصب: أن يكون ذلك الاستيلاء بغير وجه حق، وأخرج بذلك: استيلاء الوالد على مال ولده، واستيلاء الولي والوصي على مال صغير، ومجنون، وسفيه، واستيلاء حاكم على مال مفلس، فهذا الاستيلاء بحق، لذا لا تسمَّى غصوبًا، فإن قلتَ: لِمَ ذكر هذا الباب في المعاملات؟ قلتُ: لوجود معاملة بين اثنين -الغاصب والمغصوب- وإن كانت بغير حق.
(٢) مسألة: الغصب حرام؛ لقواعد: الأولى: الكتاب؛ حيث قال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ﴾ فقد حرَّم أكل مال الغير بالباطل؛ لأن النهي مطلق، وهو يقتضي التحريم، وهو عام؛ لأن "الباطل" اسم جنس معرف بأل، وهو من صيغ العموم، فيشمل الغصب؛ لأنه أكل مال الغير بالباطل، الثانية: السنة القولية: وهي من وجوه: أولها: قوله ﷺ: "من أخذ شبرًا من الأرض ظلمًا: طوَّقه من سبع أرضين" فقد توعَّد الشارع من أخذ شيئًا قليلًا - كالشبر من الأرض - بهذا العقاب، ولا يُتوعَّد على فعله إلّا إذا كان حرامًا، وهو عام؛ لأن "من" الشرطية من صيغ العموم، فيشمل الغصب؛ لأنه أخذ حق الغير ظلمًا، وأخذ غير الأرض مثل الأرض من باب "مفهوم الموافقة"، ثانيها: قوله ﷺ: "إن دماءكم وأموالكم حرام لحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا" فقد حرم أخذ مال الغير بدون وجه حق، والتحريم صريح هنا، وهذا عام لجميع الأموال، لأن "أموالكم" جمع منكَّر أضيف إلى معرفة، وهو: الضمير، والغصب أخذ مال الغير فيحرم مثل غيره، ثالثها: قوله ﷺ: "لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه" فنفى حل أخذ مال الغير إلا إذا طابت نفس هذا الغير، وهذا عام؛ لأن "مال" نكرة في سياق نفي، وهو من صيغ العموم والغصب أخذ مال الغير بدون أن تطيب نفسه فيه فيحرم، الثالثة: =