الأصل: عدم الرضاع المحرِّم (١٤)، وإن شهدت به امرأة مرضية: ثبت (١٥)، وكُره استرضاع فاجرة، وسيئة الخلق، وجذماء، وبرصاء (١٦).
(١٤) مسألة إذا شُكَّ في حدوث الرضاع، أو شك في وقوعه في الحولين، أو شك في كونه خمس رضعات أو أقل، أو شكَّت المرضعة هل أرضعته أو لا، أو شكّت هل أرضعته هو أو شخص يُشابهه ولم توجد بيّنة في ذلك: فلا تحريم بينهما؛ للاستصحاب؛ حيث إن الأصل: عدم الرضاع المحرِّم، وهو اليقين، وقد شك في الرضاع، فيُنفى الرضاع؛ لأن اليقين لا يزول بالشك.
(١٥) مسألة: إذا شهدت امرأة واحدة مرضية في دينها بحيث تقبل شهادتها بأنها أرضعت فلانًا: رضاعًا -قد توفرت فيه شروطه المذكورة في مسألة (٣) -: فإنه يثبت الرضاع، ويحرم النكاح؛ لقاعدتين: الأولى: السنة القولية؛ حيث قال عقبة بن الحارث، تزوجتُ أم يحيى بنت أبي أهاب، فجاءت أمة سوداء فقالت: قد أرضعتكما، فأتينا النبي ﷺ فذكرنا له ذلك فقال:"وكيف وقد زعمت ذلك؟ " وفي لفظ: أن عقبة قال: فأتيته من قبل وجهه فقلتُ: إنها كاذبة فقال: "كيف وقد زعمت أنها قد أرضعتكما؟ خلِّ سبيلها" وهذا يدل على الاكتفاء بالمرأة الواحدة، الثانية: القياس؛ بيانه: كما أن الولادة يكتفى بثبوتها بشهادة امرأة واحدة فكذلك الحال هنا والجامع: أن كلًّا منهما شهادة على عورة فتقبل فيها شهادات المنفردات.
(١٦) مسألة: يُحرم أن يطلب رجل من امرأة فاجرة فاسقة، أو سيئة الخلق، أو جذماء، أو برصاء، أو مشركة، أو ذمية: أن ترضع ولده الصغير؛ للمصلحة: حيث إن اللَّبن يتسبَّب في إنشاز العظم، وإنبات اللحم، فيُحتمل، احتمالًا قويًا أن يتأثر ذلك الولد بذلك: فدفعًا لذلك: حرم؛ لأن دفع المفاسد مقدم على جلب المصالح.
هذه آخر مسائل كتاب:"الرضاع" ويليه كتاب: "النفقات، والحضانة".