والنهي عن المنكر (٢)(وأداؤها) أي: أداء الشهادة (فرض عين على من تحملها متى دُعي إليه)؛ لقوله تعالى: ﴿وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ﴾ (٣)
(٢) مسألة: تحمُّل الشهادة في حق الآدمي فرض كفاية على كل شخص - إذا قام به من يكفي سقط عن الباقين - سواء كان المشهود عليه مالًا كبيع وشراء ونحوهما، أو قول كقذف ونحوه، هذا إذا وجد غير ذلك الشخص أما إن لم يوجد غيره: فإن تحمله للشهادة واجبًا وجوبًا عينيًا عليه: سواء كان حرًا، أو عبدًا، ولا يجوز لسيده منعه من تحملها؛ لقاعدتين: الأولى: الكتاب؛ حيث قال تعالى: ﴿وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا﴾ حيث حرم الامتناع عن تحمل الشهادة، لأن النهي في قوله:"لا يأب" مطلق فيقتضي التحريم، وترك الحرام واجب، فيلزم وجوب تحمل الشهادة، وإثباتها عند الحاكم إذا احتيج إليها؛ لكون ذلك هو الغرض والفائدة من تحملها، الثانية: المصلحة؛ حيث إن الحاجة تدعو إلى الشهادة؛ نظرًا لحصول التجاحد بين الناس؛ إذ بسببها تثبت الحقوق، فكانت من الواجبات كالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فإن قلتَ: لِمَ كانت فرض كفاية إذا وُجد غير ذلك الشخص؟ قلتُ: لأنه يكتفي في الشهادة باثنين من الرجال، ولا داعي للزيادة، فإن قلتَ: لِمَ كانت الشهادة واجبة: تحمُّلًا، وأداءً؟ قلتُ: لأنه سبب من أسباب إرجاع الحقوق إلى أهلها، ومنع ظلم الناس بعضهم لبعض.
(٣) مسألة: أداء الشهادة فرض عين على من تحمَّلها إذا دُعي إلى أدائها ولا يحل كتمانها؛ للكتاب؛ حيث قال تعالى: ﴿وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ، وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ﴾ حيث أوجب أداء الشهادة؛ حيث نهى عن كتمانها، والنهي هنا مطلق، فيقتضي التحريم، وترك الحرام واجب، وقد توعَّد من يكتم الشهادة بالوعيد، وهو تأثيم قلبه، والوعيد عقاب، ولا يعاقب إلّا على فعل محرم، أو ترك واجب، فيلزم وجوب أداء الشهادة على من تحملها، فإن قلتَ: لِمَ شُرع هذا؟ قلتُ: لما سبق أن ذُكر في مسألة (٢).