القيامة" رواه مسلم (٣)(هما فرضا كفاية)؛ لحديث: "إذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم وليؤمكم أكبركم" متفق عليه (على الرجال) الأحرار (المقيمين) في القرى والأمصار، لا على الرجل الواحد، ولا على النساء، ولا على العبيد، ولا على المسافرين (للصلوات) الخمس (المكتوبة) دون المنذورة، المؤدَّات دون المقضيات،
= لذا يقول المقيم: "قد قامت الصلاة" والمراد: قد استقام إيقاعها وآن الدخول فيها - كما قال القرافي في "الذخيرة" (٢/ ٤٣).
(٣) مسألة: الأذان أفضل من الإمامة؛ للسنة القولية، وهي من وجهين: أولهما: قوله ﷺ: "المؤذنون أطول الناس أعناقًا يوم القيامة" فيلزم من هذا الوصف للمؤذنين: أنهم أكثر عملًا وثوابًا من الأئمة؛ لأن "الناس" اسم جنس معرف بأل وهو من صيغ العموم، والأئمة من الناس، ثانيهما: قوله ﷺ: "اللهم أرشد الأئمة، واغفر للمؤذنين" فيلزم من هذا: أن المؤذن أفضل من الإمام؛ لأن المغفرة عامة للإرشاد وغير، فإن قلتَ: لِمَ كان الأذان أفضل؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن الأذان فيه مشقة ترقُّب الوقت بدقة، وإعلان ذكر الله، وتنبيه الناس على دخول وقت صلاتهم: حيث إنه يترتب على ذلك صحة صلاتهم، وصحة إفطارهم في رمضان، والأجر على قدر المشقة، فإن قلتَ: لو كان الأذان أفضل لتولاه النبي ﷺ وخلفاؤه من بعده؟ قلتُ: إن تركهم للأذان لا يدل على عدم أفضليته، ومنَعَهَم منه انشغالُهم بالإمامة التي هي وظيفة الإمام الأعظم، ولا يمكن الجمع بين الأذان والإمامة؛ نظرًا لمشقة ترقب الوقت، والانشغال بأمور المسلمين لذا: قال عمر: "لولا الخلافة لأذنت".
[فرع]: الأذان أفضل من الإقامة؛ للقياس الأولى، بيانه: كما أن الأذان أفضل من الإمامة فإنه يكون أفضل من الإقامة من باب أولى؛ لأن الأذان أشق من الإمامة، والإمامة أشقُّ من الإقامة، فتكون الإقامة أدناها مشقَّة، وعليه: فتكون الإمامة أفضل من الإقامة.