لقواعد: الأولى: الكتاب وهو من وجوه: أولها: قوله تعالى: ﴿وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا﴾ حيث وصف الأجر الذي يناله المجاهد بهذا الوصف، ولم يصف غيره من النوافل بمثل هذا الوصف فيلزم: أنه أعظم النوافل، ثانيها: قوله: ﴿مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ﴾ .. هذا يدل على عظم أجر النفقة في سبيل الله، ثالثها: قوله: ﴿هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ﴾ وقوله: ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ﴾ وهذا مدح عظيم للعلم وطلابه لا يعادله شيء، الثانية: السنة القولية؛ وهي من وجهين: أولهما: أنه ﷺ قد وصف الجهاد بأنه "ذروة سنام الإسلام" يقصد أعلاه وأرفعه، فلا يساويه شيء من النوافل الأخرى؛ ثانيهما: قوله: ﴿من يُرد الله به خيراً يفقهه في الدين﴾ حيث يدل على أن غير المتفقِّه لا خير فيه للأمة الإسلامية، الثالثة: السنة الفعلية: حيث كان ﷺ يصلي النوافل النهار والليل حتى تتفطَّر قدماه، فإن قلتَ: لمَ كان هذا الترتيب في الأفضلية؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إنه قدِّم الأعم نفعًا للإسلام والمسلمين والأشد في المشقة: فالجهاد فيه بذل النفس - وهي أعلى ما عند المسلم - لأجل نصرة الإسلام وإعلاء كلمته، وكسر شوكة الكفار، قال أحمد:"لا أعلم شيئًا من الفرائض أفضل من الجهاد" ويليه في تعميم النفع: النفقة في سبيل الله وهو بذل المال للمجاهدين، وهو خير عون لهم؛ إذ لا جهاد بلا سلاح وطعام وشراب ونحوها، ولا تكون هذه إلا بالنفقة، ويليه في تعميم النفع: تعلُّم العلم الشرعي وتعليمه؛ حيث إنه شرح وبيان وتوضيح الحلال من الحرام في الشريعة؛ لأجل أن يعبد الإنسان ربه على بصيرة، وهذا يستفيد منه الموجودون في حياة هذا العالم، والذين سيوجدون بعد آلاف السنين إلى قيام الساعة؛ ألا ترى: كتب أبي حنيفة، ومالك والشافعي وأحمد، وغيرهم من=