للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خرج أهل الذمَّة منفردين عن المسلمين) بمكان؛ لقوله تعالى: ﴿وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً﴾ (لا) إن انفردوا (بيوم): لئلاَّ يَّتفق نزول غيث يوم خروجهم وحدهم، فيكون أعظم لفتنتهم، وربما افتتن بهم غيرهم: (لم يُمنعوا) أي: أهل الذمة؛ لأنه خروج لطلب الرزق (١٠) (فيصلي بهم) ركعتين كالعيد؛ لما تقدَّم (ثم يخطب) خطبة (واحدة)؛ لأنه لم يُنقل أن النبي خطب بأكثر منها، ويخطب على منبر، ويجلس للاستراحة، ذكره الأكثر كالعيد في الأحكام والناس جلوس قاله

= حيث قلَّ الإيمان بالله في الأزمنة المتأخرة، فلذلك قلنا بعدم مشروعية ذلك؛ سدًا للذرائع؛ حيث إن دفع المفاسد مقدم على جلب المصالح، فإن قلتَ: ما سبب الخلاف هنا؟ قلتُ: سببه: "تعارض فعل الصحابي مع المصلحة" فعندنا: تقدم المصلحة، وهم: قدَّموا فعل الصحابي.

(١٠) مسألة: إذا أراد الكفار أهل الذمة - وهم من أعطاهم المسلمون العهد على حمايتهم - أن يخرجوا للاستسقاء: فإنه يؤذن لهم بذلك بشرطين: أولهما: أن يخرجوا إلى مكان غير المكان الذي خرج إليه المسلمون، ثانيهما: أن يخرجوا في اليوم الذي خرج فيه المسلمون؛ للمصلحة؛ حيث إن الله يُجيب دعوة المضطر وإن كان كافرًا؛ لسعة لطف الله تعالى وعطفه وكرمه، لأن الله خلق الخلق وضمن أرزاقهم جميعًا، وخروجهم كان لطلب هذا الرزق، واشتُرط الأول؛ لمنع اختلاط الكفار بالمسلمين؛ لما فيه من فتنة ونجاسة، واشترط الثاني؛ لمنع حصول فتنة بهم وبدينهم فيما لو نزل المطر في اليوم الذي استسقوا فيه؛ حيث قد يقول ضعفاء العقول: لو لم يكونوا على حق: لما نزل المطر في يومهم، تنبيه: سبب ذكر المصنف لقوله تعالى: ﴿وَاتَّقُوا فِتْنَةً … ﴾ أن هذا القحط قد يكون بسبب الظالمين ومنهم الكفار فشمل المسلمين وديارهم، والمراد منها: اتقوا فتنة تتعدَّى الظالم فتصيب الصالح والطالح كما ذكر القرطبي (٧/ ٣٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>