للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وماذا بالقليب قليب بدر ... من الشيزى تزين بالسنام

وماذا بالقليب قليب بدر ... من القينات والشرب الكرام

الشاعر هو أبو بكر، واسمه شداد بن الأسود بن شعوب -بضم الشين المعجمة- الليثي الكناني.

أراد أن الذين ردموا بقليب بدر كانوا ممن يطعم الأضياف في الجفان المصنوعة من شجر الشيزى مزينة تلك الجفان بأسنمه الجزر، وكانوا ممن تغنيهم القيان وتحضرهم الندامى، وأن بموتهم قد ذهبت تلك المكارم فكأنها دفنت معهم، فشبه ذهابها وانقطاعها بموت أهلها على طريقة المكنية، ورمز إليه بالدفن في القليب؛ إذ الدفن من لوازم الموت. وخص قليب بدر للإشارة إلى أن سبب انقطاعها هو موت أولئك الذين ردموا بالقليب. ومن هذا المعنى قول الشيخ محمود قبادو الشريف في رثاء الشيخ جدي:

واروا علومًا ينادي من يؤرخها ... ودائع العلم في قبر ابن عاشور

وقوله: «يخبرنا الرسول» استعمل وصف الرسول على وجه التهكم بقرينة قوله: «وكيف حياة أصداء وهام».

فإن الاستفهام إنكاري، فهو كالتهكم الذي حكاه القرآن عن كفار قريش: {وَقَالُوا يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ}.

* *

ووقع في حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه -[٥: ٨٣، ١٦]: «جاء أعرابي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسأله عن الهجرة. فقال: ويحك إن الهجرة شأنها شديد فهل لك من إبل؟ قال: نعم. قال: فتغطي صدقتها؟ قال: نعم. قال: فتحلبها يوم ورودها؟ قال: نعم، قال: فأعمل من وراء البحار فإن الله لن يترك من عملك شيئًا».

قوله: «شأنها شديد» أي لأنها مفارقة الأهل والديار وسكنى البلد. والأعراب لا يطيقون ذلك.

وقوله: «فتحلبها يوم ورودها» أي تحلبها للفقراء والمساكين والضعفاء يوم نوبة شربها. وقد كانوا اعتادوا أن يجتمع الفقراء لأمثال هذه المواضع مثل يوم شرب

<<  <   >  >>