للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

تبرز أهمية جمع أحاديث الأسماء والصفات، ودراستها من جانبين.

أولهما: أن علم الحديث من أشرف العلوم التي ينبغي للعبد أن يصرف وقته وجهده فيها، وأفضل ما يشتغل به دارس علم الحديث هو: العناية بالأحاديث، وتمحيصها؛ لبيان الصحيح منها والسقيم، والبحث عما يقوي ما يحتاج منها إلى تقوية، والعناية بمتونها بشرح غامضها، واستنباط مايستفاد منها.

وثانيهما: شرف الموضوع الذي تناوله البحث؛ إذ العلوم تشرف بشرف متعلقها، والعلم بالله وأسمائه وصفاته وأفعاله سبحانه وتعالى هو أجلُّ العلوم وأفضلها، ونسبته إلى سائر العلوم كنسبة معلومه إلى سائر المعلومات، والعلم به سبحانه وتعالى أصل كل علم، كما أنه سبحانه رب كل شيء ومليكه وموجده، فمن عرف الله عرف ما سواه، ومن جهل ربه فهو لما سواه أجهل (١). ومعرفة معاني أسماء الله تعالى مما ينبغي لكل مسلم الحرصُ عليه؛ ليعظِّم الله تعالى حق تعظيمه فإذا كان المرء إذا أراد أن يعامل آخر حرص على معرفة اسمه وكنيته، وسأل عن صغير أمره وكبيره، فالله تعالى هو الذي خلقنا ورزقنا، ونحن نرجو رحمته، ونخاف من سخطه أولى أن نعرف أسماءه وتفسيرها (٢)، وأن نستحضر معاني تلك الأسماء والصفات، ونحرص على تحصيلها في القلوب؛ لتتأثر بمقتضياتها، وتمتلئ بأجل المعارف؛ إذ أن أسماء العظمة والكبرياء والجلال وأوصافها تملأ القلوب هيبة لله وتعظيماً وتقديساً، وأسماء العزة والقدرة والعلم الحكمة وأوصافها تملؤها خضوعاً وخشوعاً وانكساراً، وأسماء الجمال والبر والرحمة والإحسان وأوصافها تملؤها محبة وشوقاً وحمداً وشكراً وطمعاً في مزيد فضله سبحانه وجوده وامتنانه، وأسماء العلم والإحاطة وأوصافهما توجب للعبد مراقبة ربه في جميع حركاته وسكناته، وحراسة خواطره عن الأفكار والإردات الفاسدة، وأسماء الغنى واللطف وأوصافهما تملؤها افتقاراً واضطراراً إلى الله في كل وقت وحال، وهذه المعارف التي تحصل للقلوب بسبب معرفة أسماء الله وصفاته وتعبده بها لله لايحصل للعبد في الدنيا أجلُّ ولا أفضل ولا أكمل منها، وهي أفضل العطايا من الله للعبد، وهي رُوح التوحيد ورَوحه، وإثبات الأسماء والصفات هو الأصل لهذا المطلب الأعلى الذي لايحصل إلا للكُمَّل من الموحدين والله أعلم (٣).

[هدف الموضوع]

يهدف هذا البحث إلى تحقيق ما يلي:

(١) جمع الأحاديث المرفوعة الواردة في أسماء الله وصفاته من مواضعها المتناثرة في الكتب الستة.

(٢) تصنيفها وترتيبها بحسب الاسم أو الصفة التي اشتملت عليها مع العناية بالترتيب الحديثي داخل الاسم أو الصفة التي عُقد لها المبحث.

(٣) دراسة ما يحتاج إلى دراسة من أسانيد تلك الأحاديث، مع العناية بمتون جميع الأحاديث وخدمتها بما يتيسر من شرح غامضها، واستنباط فوائد الثابت منها.


(١) انظر مفتاح دار السعادة لابن القيم (١/ ٨٦).
(٢) انظر الحجة في بيان المحجة للأصفهاني (١/ ١٢٣) ..
(٣) انظر: القول السديد للسعدي (المجموعة الكاملة ٣/ ٤٥، ٤٦)، الحق الواضح المبين (المجموعة الكاملة ٣/ ٢٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>