للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المبحث الثالث

أسماء الله تعالى التي انفرد حديث سرد الأسماء بذكرها

سيتناول هذا المبحث ـ بإذن الله تعالى ـ شرح الأسماء الواردة في روايتي الترمذي وابن ماجه التي لم ترد في الأحاديث التي تم جمعها، ودراستها من الكتب الستة، مع التنبيه على ماثبت منهاومالم يثبت.

[{الأبد}]

المعنى في اللغة:

الأبد: هو الدهر، والجمع آباد، وأُبود (١). ويدل بناء الكلمة أَبَدَ على طول المدة، وعلى التوحش قالوا: الأبد الدهر، وتأبد البعير: توحش (٢).

والمراد به: استمرار الوجود في أزمنة مقدرة غير متناهية في جانب المستقبل. كما أن الأزل استمرار الوجود في أزمنة مقدرة غير متناهية في جانب الماضي، وهو الشيء الذي لانهاية له (٣).

وهذا الاسم لم يثبت، وقد رد ابن تيمية على من ذكر من أسماء الله الدهر وجوابه يصلح أن يكون جواباً على من يطلق اسم الأبد على الله إذ هما بمعنى واحد وحاصل الجواب: أن الله تعالى هو الذي يقلب الزمان ويصرفه، وقد أخبر سبحانه بخلقه الزمان في غير موضع منها قوله تعالى:

{وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ (٣٣)} [الأنبياء: ٢٣]

ولايتوهم عاقل أن الله هو الزمان؛ فإن الزمان مقدار الحركة، والحركة مقدراها من باب الأعراض والصفات القائمة بغيرها، ولا يقول عاقل: إن خالق العالم هو من باب الأعراض والصفات المفتقرة إلى الجواهر والأعيان؛ فإن الأعراض لاتقوم بنفسها بل تحتاج إلى محل تقوم به، والمفتقر إلى مايغايره لايوجد بنفسه بل بذلك الغير فكيف يكون هو الخالق ثم أن يستغني بنفسه ويحتاج إليه ماسواه! وهذه صفة الخالق سبحانه وقد أجمع المسلمون ـ وهو مما علم بالعقل الصريح ـ أن الله سبحانه وتعالى ليس هو الدهر الذي هو الزمان ـ وهو الليل والنهار ـ أو ما يجري مجرى الزمان كما في الجنة حيث لا شمس ولا قمر ولكن تعرف الأوقات بأنوار أخر (٤). وبذا يتبين أن اسم الأبد خطأ محض، ولم يصح أصلاً (٥).


(١) اللسان (أبد) (١/ ٤).
(٢) معجم مقاييس اللغة (أبد) (١/ ٣٤).
(٣) التعريفات للجرجاني (٢١)، وانظر: الكليات (٣٢).
(٤) انظر: مجموع الفتاوى (٢/ ٤٩١ - ٤٩٤)، وإبطال التأويلات (٢/ ٣٧٤ - ٣٧٦).
(٥) انظر: تيسير العزيز الحميد (٥٧٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>