قوله صلى الله عليه وسلم:{أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء} رواه مسلم وأبو داود والنسائي.
التخريج:
م: كتاب الصلاة: باب ما يقال في الركوع والسجود (٤/ ٢٠٠).
د: كتاب الصلاة: باب في الدعاء في الركوع والسجود (١/ ٢٣٠).
س: كتاب الافتتاح: أقرب ما يكون العبد من الله عز وجل (٢/ ٢٢٦).
الفوائد:
(١) أن الله سبحانه إنما ذكر في الدعاء أنه قريب من العباد لم يذكر قربه في كل حال والمراد القرب من الداعي في سجوده فأمر بالاجتهاد في الدعاء في السجود مع قرب العبد من ربه وهو ساجد وأمره أن يقول: سبحان ربي الأعلى والسجود غاية الخضوع والذل من العبد، وغاية تسفيله وتواضعه بأشرف شيء فيه وهو وجهه بأن يضعه على التراب فناسب في غاية سفوله أن يصف ربه بأنه الأعلى والأعلى أبلغ من العلي، فإن العبد ليس له من نفسه شيء هو باعتبار نفسه عدم محض، وليس له من الكبرياء والعظمة نصيب وإنما يحصل العلو للمؤمن بالإيمان لابإرادته هو فلما كان السجود غاية سفول العبد وخضوعه سبح اسم ربه الاعلى فهو سبحانه الأعلى والعبد الأسفل، وليس بين الرب والعبد إلا محض العبودية فكلما كملها قرب العبد إليه؛ لأنه سبحانه بر جواد محسن يعطي العبد ما يناسبه فكلما عظم فقره إليه كان أغنى وكلما عظم ذله له كان أعز (مجموع الفتاوى ٥/ ٢٣٦ - ٢٣٨).
(٢) فيه الحث على الدعاء في السجود واحتج به من قال: إن السجود أفضل من القيام وسائر أركان الصلاة وفي المسألة مذاهب (شرح النووي ٤/ ٢٠٠)، (شرح الأبي ٢/ ٢٠٨).
(٣) إثبات صفة القرب لله تعالى على ما يليق به سبحانه، وقرب الشيء من الشيء مستلزم لقرب الآخر منه لكن قد يكون قرب الثاني هو اللازم من قرب الأول ويكون منه أيضاً قرب بنفسه:
فالأول: كمن تقرب إلى مكة أو حائط الكعبة فكلما قرب منه قرب الآخر منه من غير أن يكون منه فعل.
والثاني: كقرب الإنسان إلى من يتقرب هو إليه فتقرب العبد إلى الله وتقريبه له نطقت به نصوص متعددة منها هذا الحديث فهذا قرب الرب نفسه إلى عبده فهذا قرب خاص وليس في الكتاب والسنة قرب ذاته من جميع المخلوقات في كل حال.
وهذا يبطل قول الحلوليين الذين عمدوا إلى الخاص المقيد فجعلوه عاماً مطلقاً.
والداعي والساجد يوجه روحه إلى الله والروح لها عروج يناسبها فتقرب من الله بلاريب بحسب تخلصها من الشوائب فيكون الله عز وجل منها قريباً قرباً يلزم من قربها، ويكون منه قرب آخر